الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ظلمني زوجي.. فهل يجوز لي أن أدعو عليه بقطع نسله؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا أعرف أن كل ما يقع للإنسان هو من قضاء الله وقدره، وأباح الله عز وجل للإنسان المظلوم أن يدعو على من ظلمه، ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب.

أتساءل حينما ندعو على الظالم بسبب ظلمه هل كأننا نسخط على قدر الله؟ لأن ظلم الظالم يعلم الله به وكتبه على المظلوم.

فمثلا ظلمني زوجي في استغلال مالي، ثم دعوت عليه أن لا يبارك الله في ماله، هل أكون معترضة على قدر الله الذي قدر كل شيء لي، وكتب لي ضياع مالي بسبب حسن نيتي، أو بأي سبب كان؟

هل يجوز في الدعاء على الظالم أن أخير الله فيما أدعو؟ كأن أقول: اللهم لا تبارك في ماله إلا إذا رده لي، فإن لم يرده لي لا تنزل البركة في ماله، أم أن هذا من سوء الأدب في الدعاء؟

فأنا ظلمني زوجي الذي استغل مالي، ولا يريد العلاج للإنجاب، فأقول في دعائي اللهم لا تبارك في مال زوجي واقطع نسله إذا لم يتراجع عن الطلاق، فإن تراجع فاللهم ارزقني منه الذرية الصالحة.

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم سلسبيل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك -أختي العزيزة-، وأهلاً وسهلاً ومرحبا بك في الموقع، وأسأل الله أن يرزقنا وإياك العلم النافع والعمل الصالح، والسلامة من كل سوء ومكروه.

أما بخصوص سؤالك عن حكم الدعاء على الظالم؛ فإن الأفضل العفو عن الظالم ما أمكن، والاستغفار له حتى تطمئن نفس المظلوم وينسى الألم، قال تعالى: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله)، (وأن تعفو أقرب للتقوى).

كما وأن الأفضل عدم الدعاء عليه، وأن تسألي الله له الهداية والتوبة والصلاح والرجوع إلى الحق وإنصاف الناس حقوقهم، قال تعالى: (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكراً عليما).

إلا أنه لا يوجد مانع شرعي ولا حرج ولا إثم من دعاء المظلوم على ظالمه، بشرط أن يكون بحسب وقدر المظلمة الواقعة عليه من غير زيادة؛ منعاً من التعدي والظلم، فلا يعالج الظلم بمثله أو أشد، وقد قال تعالى: (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين)، ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الاعتداء في الدعاء، وذلك بمخالفة السنن الكونية أو الشرعية أو الزيادة في طلب الحق، كأن يدعو المظلوم على أهل وولد ظالمه (ولا تزروا وازرةٌ وزر أخرى)، أو الدعاء على الظالم بالموت أو الإفلاس في مظلمة يسيرة، فالدعاء كالقصاص يستوفى بحسبه وقدره.

وأما عن حكم التخيير في الدعاء أو الاشتراط فيه فهو جائز إن كان بحق كقولك: (اللهم اهدِ الكفرة والظلمة وإلا فخذهم أخذ عزيزٍ مقتدر)، لما في ذلك من تفويض أمرهم إلى حكمة الله ومشيئته، ويدل عليه دعاء استخارة حيث وفيه: (إن كان هذا الأمر خيراً فيسره لي، وإن كان شراً فاصرفني عنه واصرفه عني).

وأما الدعاء بما فيه ظلم واعتداء على المدعو في نفسه أو ماله أو أهله فلا يجوز سواء بالتأخير أو عدمه، ومنه الدعاء الذي ذكرتيه في سؤالك بعدم البركة في ماله وقطع نسله ونحوه فإنه لا يجوز، وفي الحديث: (يستجاب لأحدكم مالم يدعُ بإثمٍ أو قطيعة رحم).

أوصيك بلزوم الذكر والطاعة وتوكيل أمرك إلى الله، والاستعانة به والرضا بما قسمه وقدّره، واستحضار فضل الصبر على البلاء، والشكر للنعماء والرضا بالقضاء، وفقك الله لكل خير.

أسأل الله أن يفرج همومنا، ويشرح صدورنا، وييسر أمورنا، ويطهر قلوبنا، ويزكي نفوسنا، ويجيب دعوتنا، ويتقبل توبتنا، ويرزقنا من خيري الدنيا والآخرة، والله الموفق والمستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً