الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد التخلص من الوسواس القهري، فكيف لي ذلك؟

السؤال

السلام عليكم.
أشكركم على دعمكم وذوقكم الرفيع.

أنا عندي وسواس قهري منذ زمن في عمل الفعل وتكراره، ووساوس قهرية لا إرادية، أخذت فلوزاك كورس بدايته 20 ملي أول شهر كبسولة، ثم 6 أشهر حبتين، ثم 3 أشهر حبة واحدة، وآخر شهر حبة يوم ويوم لا، تحسنت كثيرا، لكن رجعت لي نفس الوساوس، كررت الكورس مرة أخرى بنفس الطريقة، وعادت الوساوس بعد انتهاء كورس العلاج.

أخذت كورس فافرين 100، عبارة عن 50 ملي أول أسبوع، وكل أسبوع أزيد 50 ملي لغاية ما وصلت لجرعة 300، استمريت عليها 6 أشهر، وبعد الكورس رجعت الوساوس مرة أخرى.

أرجوكم، أريد حلا للقضاء عليه، وأريد دواء جديدا، أم عليّ أن أكرر الفلوزاك مرة أخرى؟ أو ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Khabirykhabiry حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على الثقة في إسلام ويب.

أخي الكريم: الوساوس القهرية لا يمكن أن تُعالج عن طريق الدواء فقط، وهذا خطأ كبير، الأدوية تُساعد الناس مساعدة كبيرة، ولكن إذا لم يدعمها الإنسان بعلاجات سلوكية، وعلاجات إسلامية، وعلاجات اجتماعية، بعد أن يتم التوقف من الدواء سوف تنتكس الحالة، وهذا هو الذي حدث لك على وجه التحديد.

سيكون من الجميل جدًّا أن تذهب إلى طبيبك النفسي ليضع لك برنامجا سلوكيا، والبرنامج السلوكي يتكوّن من: التجاهل التام للوساوس، وعدم الخوض فيها، وعدم مناقشتها، وصرف الانتباه عنها.

الشيء الآخر: أن يلجأ الإنسان إلى ما يُسمى بالعلاجات التنفيرية، يعني: أن تربط الوسواس بشيء غير مرغوب للنفس، أو بشيء تكرهه النفس، حين يُربط الوسواس بمثل هذه التفاعلات سوف يضعف الوسواس كثيرًا، يعني مثلاً: تكرار الفعل - مثلاً الوضوء - إذا كنت تضطّر أن تكرر الغسل، قل لنفسك (لا، أنا لن أقوم بهذا أبدًا، الرسول -صلى الله عليه وسلم- توضأ بكمية قليلة من الماء، يُقال إنها لتر إلَّا ربع، وهو قدوتنا، فكيف أنا أتعدى فعل الرسول وأخالف ذلك)، هذا أمرٌ يجعلك بالفعل تستوعب الأمور بصورة ممتازة، وفي ذات الوقت قم بإدخال فكرة تنفيرية، وأنت تُكرر مثلاً قفل الباب وفتحه قل لنفسك: (هذا ربما يؤدي إلى حريق في المنزل، فلماذا أقوم بهذا؟) ... وهكذا، هذه فكرة تنفيرية، والفكرة الأولى فكرة إدراكية والتي تحدثت من خلالها عن موضوع الوضوء، ... وهكذا.

هذه كلها تمارين معروفة وتمارين ممتازة جدًّا، وأيضًا تمارين إيقاف الأفكار، الفكرة حين تبدأ تأتيك كخاطرة لا تُناقشها، إنما تُخاطبها قائلاً: (قف قف قف قف) حتى تحسّ بالإجهاد، وتصرف انتباهك لفعل آخر وعمل آخر.

لا تُكافئ الوسواس من خلال تكراره واتباعه والتفكّر فيه والتأمُّل فيه.

والعلاجات الاجتماعية مهمّة جدًّا، أن تقوم بالواجبات الاجتماعية، أن تزور المرضى، أن تشارك في الأفراح، أن تزور أرحامك، أن تمارس رياضة، هذه كلها تصرف الانتباه تمامًا عن الوسواس، وأن تطور نفسك في محيط عملك أو في محيط دراستك، هذا أيضًا أمرٌ عظيم، الحرص على الصلاة في وقتها، الدعاء، أذكار الصباح والمساء، تلاوة الورد القرآني اليومي... بهذه الكيفية تكون قلَّلتَ كثيرًا من الزمن الذي يمكن أن تستهلكه في الوساوس، وهذا يُضعف الوسواس كثيرًا.

بالنسبة للعلاج الدوائي: نعم يمكنك أن تتناول الفلوزاك مرة أخرى، لكن يجب أن تحرص على العلاجات السلوكية والاجتماعية التي حدَّثْتُك عنها، في هذه المرة تناول كبسولة واحدة من الفلوزاك (عشرون مليجرامًا) يوميًا لمدة أسبوعين، ثم اجعلها كبسولتين يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء.

وأريدك أن تُدعمه هذه المرة بعلاج رزبريادون، هذا جيد جدًّا لتفتيت الوساوس أيضًا. الرزربريادون تتناوله بجرعة واحد مليجرام ليلاً لمدة شهرٍ، ثم اثنين مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم واحد مليجرام ليلاً لمدة شهرٍ، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء، لا داعي لتناول الفافرين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً