الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد التفوق أصبحت متأخرة دراسيا وفي كل شيء، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة في الصف الثالث الثانوي، هذه السنة تعتبر مهمة بالنسبة لي؛ لأنه الجسر الذي بمشيئة الله سأحقق به هدفي، مواظبة على الصلاة والأذكار وتلاوة القرآن، لكن في الفترة الأخيرة تغيرت جداً، أتعجب من نفسي لطالما مررنا بكثير من الظروف، وكنت قوية واثقة في الله ثم بنفسي لأبعد حد بشهادة المعلمين، فقد كنت نشيطة، لا أهتم لنومي بقدر اهتمامي بدراستي، أتحدى أي ظرف في سبيل دراستي، أبحث عن نقاط ضعفي وأقويها.

أما الآن فأنا في بكاء مستمر، أشعر بفراغ كبير جداً وضعف، وأني تائهة، أصبحت حساسة جداً، أبكي لأتفه أمر، أظل أفكر في المواقف القديمة، وألوم نفسي، لأني لم أتصرف بهذا الشكل، أو تأتيني وساوس دائما بأني سأفقد أحدا من أهلي، أو أصدقائي، أو أني قد أحسد أحدا، أو أني أصلي رياء فقط، أو أن عبادتي هذه مجرد رياء يشككني في ديني ونفسي وقدراتي. أتخيل أشياء لم تحدث أصلاً، أصبحت أتحدث مع نفسي كثيراً، وأحسابها على كل شيء، دائماً أشعر بالذنب الشديد، أحاول أن أركز في دراستي، صلاتي، أي شيء، فلا أقدر، ثم أجهش بالبكاء.

أصبحت أشك في كل شيء، وضوئي، نفسي، حتى بعد مذاكرة دروسي أشعر أني لا أتذكر شيئا، وأشعر أني أبتعد عن هدفي، فدخلت في حالة من الاكتئاب والبكاء المستمر، فقد كنت دائماً أنجز الكثير من المهمات في اليوم، لكني الآن أقضي وقتا طويلا في الحفظ، وكل شيء، ثم أبكي، وأدعو الله أن يعاملني برحمته وكرمه، ويغفر لي ذنوبي، ويرحم ضعفي؛ لأني أجد غيري يحفظ أكثر مني في أقل وقت.

أنا لا تهمني نفسي بقدر والداي، لا أريد أن أجعلهما يفقدا الثقة بي، هما يفخران بي دائماً، ويثقون أنني سأكون ناجحة، ويبذلون كل شيء في سبيل راحتي أنا وأخواتي، وهذه الحالة من الاكتئاب تنقطع ساعة أو اثنتين ثم تعود مرة لأخرى، وعند مواظبتي على سورة البقرة تقل قليلاً، وتزداد حدتها إذا تركتها لعذر شرعي.

كما أني استمعت لرقية شرعية فشعرت بنبض متنقل في جسمي، وألم شديد في اليد اليسرى، مع العلم أنني أنا وأهلي قمنا بالعلاج بواسطة الرقية الشرعية بسبب سحر، وبمجرد حضوري مناسبة تعبت جداً، وبدأت حكاياتي مع الوساوس، ثم عالجت بالرقية، وأحسست أني بخير، ولكن رجعت نفس الأعراض، وبشكل أشد، وهي وساوس دائمة، ونبض سريع في القلب كأن قلبي سيقف، اكتئاب وبكاء شديد، توتر وخوف من أشياء لا أعلمها، أحاول أن أقنع نفسي بأني بخير، لكني أفشل، وأحياناً أقول أنه ربما مجرد حالة نفسية بسيطة ليس إلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسراء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيراً على ثقتك في الشبكة الإسلامية، رسالتك اطلعت عليها بكل اهتمام، وأؤكد لك أنني قد تفهمتها تماماً، وما ورد فيها واضح ومبين بصورة منسقة جداً.

مسار أعراضك وشدتها وأنواعها تدل أنك تعانين من قلق اكتئابي بسيط إلى متوسط، بدأ معك الأمر في شكل قلق، توترات، وسوسة، وبعد ذلك دخلت في هذا المزاج الاكتئابي، وهذه الحالات تحدث في مثل سنك وإن شاء الله تعالى هي ظاهرة نفسية أكثر مما هو مرض نفسي، والعلاج الدوائي مهم جداً في حالتك؛ لأن ضعف التركيز بالكيفية التي تحدثت عنها يدل أن هنالك منشأ بيولوجيا لهذا القلق الاكتئابي، بمعنى أن بعض الموصلات العصبية في الدماغ ربما تكون لا تؤدي وظائفها بالكيفية المطلوبة، ولذا لا بد أن نعرضها دوائياً.

والحمد لله تعالى الآن توجد أدوية فاعلة، أدوية ممتازة، أدوية غير إدمانية، إذاً اذهبي إلى الطبيب النفسي دون تردد، وأفضل دواء سوف يناسبك هو الدواء الذي يعرف باسم ليسترال، هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي سيرترالين، والجرعة في حالتك هي أن تبدئي بنصف حبة أي 25 مليجرام يومياً لمدة أسبوع، ثم تجعليها حبة كاملة يومياً لمدة 10 أيام، ثم تجعلينها حبتين أي 100 مليجرام، وهذه هي الجرعة المناسبة جداً في حالتك، والجرعة الكلية هي 200 مليجرام في اليوم، أي 4 حبات، لكنك لست في حاجة إليها أبداً.

جرعة 100 مليجرام سوف تكون كافية، تستمرين على جرعة 100 مليجرام لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضيها بعد ذلك إلى حبة واحدة 50 مليجراما لمدة شهرين، ثم إلى نصف حبة أي 25 مليجرام يومياً لمدة أسبوعين، ثم 25 مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم يتم التوقف عن الدواء.

هذا الدواء دواء نقي، دواء فاعل، دواء ممتاز، غير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية، وتوجد أدوية أخرى كثيرة مثل: الفافرين، مثل: البروزاك، مثل: السيبرالكس، لكن هذا قد يكون هو الأفضل.

إذاً الدواء في حالتك مهم، وبالكيفية التي ذكرناها لك إن شاء الله تعالى سوف يفيدك كثيراً.

إذاً تحدثي مع والديك حول هذا الأمر، وأن هذه الحالة يمكن أن تعالج بصورة فاعلة وواضحة جداً، أنا أعتقد أن تفهمك لحالتك سوف يساعدك، هذه ليست حالة ذهانية، وليس اكتئاب مطبق، إنما هو قلق اكتئابي ذو طابع وسواسي، ومن جانبك اجتهدي أن تكون أفكارك إيجابية، تخلصي من الفكر السلبي، التركيز يتحسن إذا نمت ليلاً نوماً مريحاً، وإذا مارست بعض التمارين الرياضية هذا يفيدك كثيراً جداً، ويحسن من تركيزك، حاولي أن ترفهي عن نفسك بما هو جميل وطيب، حاولي أن تقرئي مع الصباح، وأن تنامي مبكراً ليلاً وتستيقظين وتصلين الفجر وبعد ذلك يمكن أن تقرئي لمدة ساعة إلى ساعتين، هذا الوقت يكون فيه الدماغ في حالة ترميم واستقرار تام، ويكون استيعاب الإنسان أفضل كثيراً.

أنا على ثقة أن حالتك سوف تتحسن بصورة مطردة جداً، ولا بأس أيضاً إذا قمت بفحوصات طبية عامة هذا لمجرد التأكد أن الصحة الجسدية كل شيء بخير إن شاء الله.

فقط قومي بإجراء فحص السكر، ومستوى الهيموجلوبين في الدم الأبيض، ووظائف الكبد، ووظائف الكلى، ووظائف الغدة الدرقية، وفيتامين د مهم؛ لأن نقصه قد يؤدي إلى شيء من التوترات في بعض الأحيان.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً