الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أصحاب الاكتئاب المزمن سببهم سلوكي معرفي بالدرجة الأولى؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت قد أصبت بست نوبات اكتئاب شديدة في غضون 1٠ سنوات، وأعاني من نوبات خفيفة جدا من الهوس الخفيف، كنت أتناول الكويتيابين ٤٠٠ مغ لكن سبب لي آثارا مزعجة فأوقفته، وجربت الابيليفاي ٥ مغ ولكن سبب لي تململا مزعجا للغاية فأوقفته.

أنا الآن أتناول الزيبريكسا ٥ مغ، وسيبرالكس ٢٠ مغ، ولاميكتال ٢٠٠ مغ، هل هي خطة علاجية جيدة؟

د/ عبد العليم هل أصحاب الاكتئاب المزمن سببهم سلوكي معرفي بالدرجة الأولى؟ وما رأيك في بخاخ سبرافاتو؟ وهل التغيرات الدائمة التي تحدثها الأدوية كتغيير حساسية المستقبلات على الدماغ لها آثار بعد التوقف عن الدواء؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ عبد الغفور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وأسأل الله تعالى لك العافية.

الذي يظهر لي - أخي الكريم - أن حالتك هي حالة اضطراب وجداني ثنائي القطبية من الدرجة الثانية - أو الخفيفة - وقطعًا عقار (زبركسا) زائد (لامكتال) هي من القِمم الدوائية، من أفضل ما يمكن أن يتناوله مريض الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، خاصَّةً إذا كان القطب الاكتئابي أكثر قوةً وهيمنة من القطب الهوسي.

بالنسبة لعقار (سبرالكس): ليس هنالك ما يمنع من استعماله في مثل حالتك، لكن يجب أن يكون هنالك حذرًا، بأن تكون الجرعة صغيرة مثلاً، لأن الدفع نحو القطب الهوسي قد يحدث مع عقار سبرالكس، ويُقال أن عقار (زيروكسات) هو الدواء المفضّل فيما يتعلَّقُ بمضادات الاكتئاب إذا احتجنا لتناولها في حالة الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، لأن الزيروكسات يعمل أيضًا من خلال الدوبامين، وما دام يعمل من خلال الدوبامين فهذا يعني أنه لن يدفع الإنسان أبدًا نحو القطب الهوسي، كما أن هنالك دراسات وتجارب تُشير أن عقار (ببربيرون) والذي يُعرف تجاريًا باسم (ويلبيوترين) ربما يكون هو من مضادات الاكتئاب الممتازة والتي يمكن استعمالها في حالة ظهور أعراض اكتئابية عند الذين يُعانون من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، والويلبيوترين لا يدفع أبدًا نحو القطب الهوسي.

عمومًا هذه - أيها الفاضل الكريم - هي ملاحظات عامَّة، والخطة العلاجية خطة جيدة جدًّا، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

بالنسبة للاكتئاب المزمن - أيها الفاضل الكريم - لا شك أنه متعدِّد الأسباب، فالشخصية قد تلعب دورًا، والظروف الحياتية قد تلعب دورًا، أو كما تفضلت السبب السلوكي المعرفي، بمعنى أن الاضطراب يكونُ في المفاهيم، وبعد أن تضطرب المفاهيم تضطرب الأفكار، ثم تضطرب المشاعر. وهنالك مَن لا ينكر أبدًا الدور البيولوجي. نحن نقول أن الأسباب متعددة، وفي كثير من الحالات قد لا نجد سببًا.

هذا - أخي الكريم - هو الموقف العلمي، والمهم هو الجهد العلاجي، ونحن نقول دائمًا: ما دام الاكتئاب متعدِّدُ الأسباب فإنه يجب أن يكون العلاج متعدِّدُ البوَّابات، بمعنى أن يتناول الإنسان الدواء، وأن يُعالج نفسه سلوكيًا واجتماعيًا وإسلاميًّا، وأن يحاول تطوير ذاته ... هذه كلها مجتمعة في بوتقة واحدة، تأتينا - إن شاء الله - برزمة علاجية متكاملة ومفيدة.

أيها الفاضل الكريم: بالنسبة لبخَّاخ (سبرافاتو Spravato): كما تعلم أن عقار (كتامين ketamine) وجد أنه يفيد في حالات الاكتئاب الحاد، ولكنَّ فعاليته لا تستمر فترة طويلة، وهذا الدواء ساعد كثيرًا الناس، أقصد بذلك الكتامين. وبعد ذلك أتت شركة (جانسين Janssen) بهذا المنتج يُعرف باسم (اسكتامين Esketamin)، وهو تم ترخيصه الآن، والتصديق به لأن يستعمل في شكل بخاخ.

فيما مضى كان الكتامين يُستعمل في شكل إبر وريدية. قطعًا حين تأتي الشركة بمركَّبٍ يمكن أن يُستعمل في شكل بخاخ هذا قطعًا أسهل وأفضل. والتجارب الأولى تُشير إلى أنه دواء مفيد في حالات الاكتئاب الحاد، لكن فعاليته لا تستمر لفترة طويلة. إذًا هو مفيد في الأزمات الاكتئابية الحادة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً