الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت بالاكتئاب لأني لم أحقق شيئا في حياتي، أرشدوني.

السؤال

السلام عليكم

أصبت بالاكتئاب مع الحزن الشديد واليأس منذ فترة، وأرغب بالانتحار، أتمنى أن أموت أو أن أدخل في غيبوبة، فقدت الأمل في كل شيء، فقدت من أحب، ولم أتزوج رغم حلم الأمومة، ولم أعمل أبداً، كرهت حياتي جداً، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Muna حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

كنت أرجو أن نعرف كم مضى من عمرك، لكن عمومًا أقول لك: حالتك هذه حالة نوع من التذمُّر والسّخط أكثر ممَّا هي اكتئاب مرضي حقيقي، الاكتئاب البيولوجي لا يجعل الإنسان يحسّ مثل هذه الأحاسيس، هذا الذي يحدث لك هو نوع من التذمُّر، نوع من السّخط، نوع من عدم الرضا وقبول الذات.

هذا – أيتها الفاضلة الكريمة – يُعالج من خلال: أن يُراجع الإنسان نفسه، أن تتفهمي أن هذه الحياة طيبة، وأن موضوع الانتحار والتفكير في الانتحار، هذه مآلاتٍ سيئة لا تناسب المسلمة أبدًا، ولا أي إنسان، قال تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيمًا * ومن يفعل ذلك عدوانا وظلمًا فسوف نصليه نارًا وكان ذلك على الله يسيرا}.

الحياة طيبة، ويجب أن نعيشها بقوة وعلى وفق ما أراد الله، قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدونِ}، ويجب أن نعيشها بأمل وبرجاء في رحمة الله.

إذًا أنت محتاجة أن تُغيري هذه المفاهيم الساخطة، مفاهيم الاحتجاج، وكل شيء في هذه الدنيا له مقابل، هذا السّخط وهذا التذمُّر له مقابل آخر، وهو: السعادة، الرضا، الراحة النفسية، أن يكون الإنسان إيجابيًا، أن يكون نافعًا لنفسه ولغيره، مهما كانت الظروف يمكن للإنسان أن يعيش حياة إيجابية طيبة.

أرجو أن تقلبي الصفحة – كما يُقال – أخرجي نفسك من هذا الذي أنت فيه من خلال النظر إلى الحياة بأملٍ ورجاء، ولو تفحصت حياتك وتمحصتها بدقة ستجدين أن لك أشياء جميلة جدًّا في حياتك.

أيتها الفاضلة الكريمة: مثلاً بر الوالدين إذا جعله الإنسان هدفًا في حياته، إذا جعله مشروعًا في حياته، كم من السعادة يجلب لنا مثل هذا العمل الصالح؟! أمر واحد فقط، وهذا لا يتطلب مالاً ولا يتطلب ثراءً، ولا يتطلب أي شيء، مجرد فعل وعزم وإصرار على أن أكون بارًّا بوالديَّ، وهكذا.

إذًا أرجو أن تغلقي هذه الأبواب الشريرة، وافتحي الأبواب الطيبة، وتنفَّسي، وأعطي نفسك فرصة لأن تعيشي جمال الحياة، قال تعالى: {من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}، الحياة طيبة جدًّا كما ذكرتُ لك.

اجعلي الرياضة جزءًا من حياتك، اجعلي التواصل الاجتماعي جزءًا من حياتك، اسألي الله تعالى أن يُهيئ لك الزوج الصالح، هذه الأمور كلها تتأتّى – أي الزواج وخلافه – من خلال أن يكون الإنسان مستبصرًا وإيجابيًّا، ومستسلمًا لنصيبه راضيًا به، هذا هو الذي أنصحك به، ويا حبذا أيضًا لو تمكّنت من مقابلة طبيب نفسي للمزيد من الإرشاد النفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً