الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد حلا للنسيان المستمر، أكاد أفقد عقلي.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة في السابعة والعشرين من عمري، منذ حوالي ست سنوات بدأت معاناتي حين توفي والدي -رحمه الله-، وعلى إثر ذلك تعرضت لصدمة، حيث أنني بدأت ألاحظ نسياني المستمر لأشياء لا يفترض أن أنساها، فمثلاً: أنسى المواعيد المهمة، والأسماء، أو متى عرفت الشخص، أو أتساءل منذ متى وأنا أعرفه، يأتيني شعور لا أعرف كيف أصفه بالضبط، ولكن مثلا لو كنت أتحدث مع شخص في منتصف المحادثة أشعر بشيء تبدل في رأسي، وتنتابني الحيرة إذ ما كنت أنا هكذا، وهذا أسلوبي وهذه شخصيتي، أو أنني أتصنع أو أتساءل كيف بدأت الحديث؟

أيضا لدي فقدان جزئي في الذاكرة لفترات معينة في حياتي لو ذكرني أحد بمواقف حدثت لي معه لا أذكرها، وأحيانا أتذكرها، وإذا عاود سؤالي في وقت لاحق لا أذكرها وذلك ما يسبب لي الإحراج في بعض الأحيان.

فقدت القدرة على فتح الحوارات بنفسي إلا قليلاً وليس مثل السابق، أقسم بالله أنني أشعر بأني سأفقد عقلي، فأكثر ما يؤرقني هو التفكير بحالتي، وذلك يصيبني بالصداع معظم الوقت، لا أستطيع زيارة طبيب نفسي في الوقت الحالي، ولكن أتمنى أن أجد لديكم حلاً شافيا يخلصني من تلك المعاناة.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

واضح أنه أصابك نوبة من الاكتئاب بعد وفاة والدك – -رحمه الله تعالى- ولم تتعافين منه حتى الآن، وهذا معروف بعد فقد عزيز. الشيء الطبيعي أن ينسى الإنسان بعد هذا الفقْد وينخرط في حياته، أمَّا إذا أصابه اكتئاب واستمر لفترة فإن هذا يكون حالة مرضية.

وبخصوص النسيان وعدم التركيز في مثل سِنّك – أختي الكريمة – فغالبًا يكون ناتجًا عن الاكتئاب، لأن الشخص إذا كان مكتئبًا لا يستطيع التركيز، وإذا لم يستطع التركيز فإنه بذلك تبدو عنده مشكلة في الذاكرة، والتركيز فقده يكون نتيجة الاكتئاب والقلق أيضًا الذي يشعر به الإنسان، لأن الذاكرة تتكوّن من تسجيل وتخزين واستعداء، والتسجيل يعتمد على التركيز والانتباه، فإذا كانت هناك مشكلة في التركيز والانتباه فإن المعلومات لا تُسجّل، وبالتالي لا تُخزّن، ومن البديهي لا يتم استعداؤها لأنها غير مُسجّلة ولم يكن هناك تركيز ولا انتباه، وواضح أنك عندك أعراض قلق وتوتر – كما ذكرت – عند التحدُّث أو الحديث مع الناس، والإحساس الغريب الذي تشعرين به هو نوع من أنواع القلق أختي الكريمة.

تحتاجين إلى علاج لهذه الحالة، لأنها أثّرت عليك، وأدوية الـ SSRIS قد تكون مفيدة جدًّا بالنسبة لك، والسبرالكس – بالذات – عشرة مليجرام قد يكون مناسبًا لحالتك، ابدئي بنصف حبة بعد الإفطار لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك حبة كاملة، وتحتاجين إلى فترة ستة أسابيع إلى شهرين حتى تختفي معظم هذه الأعراض بعد الالتزام على هذا الدواء، ويرجع التركيز وتشعرين أنك طبيعية، وبعد ذلك يجب أن تستمري على العلاج لفترة لا تقل عن ستة أشهر، حتى لا تعود الأعراض مرة أخرى، ثم بعد ذلك يبدأ بخفض العلاج والتوقف منه بالتدريج، كل أسبوع يتم تخفيض ربع الجرعة حتى تتوقفين منه تمامًا.

وإنِ استطعتِ أن تتواصلي مع معالج نفسي حتى ولو عن طريق الإنترنت لمساعدتك نفسيًّا؛ فهذا يكون أيضًا أفيد وأفضل مع الالتزام بالعلاج الدوائي.

وفقك الله وسدد خطاك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً