الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أعود لبلدي لأتخلص من المعاصي التي أنا فيها أم أبقى لرغبة والديّ؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب أدرس ببلد غير بلدي، وأهلي معي (الأب والأم وأخوان)، أنا لست مرتاحا نفسيا لهذه البلد، ودائما أجلس وحدي في سكن الجامعة لبعدها عن المنزل، فأرتكب من المعاصي الكثير، لكن أداويها بالصلاة والذكر، لكن مع عدم راحتي، فيؤثر ذلك بالسلب على دراستي وعلى حياتي، فكدت أصل للتوحد التام، ففكرت في العودة لبلدي لأكمل دراستي بها، فأخي وباقي العائلة هناك، رفض والداي أن أغادر، وحاولت إقناعهما، فقالت أمي: إن ذهبت فأنا غاضبة عليك.

مع العلم أني في بلدي أترك معظم المعاصي التي أرتكبها لكوني أنشغل بالعمل في الإجازة والدراسة في وقت الدراسة، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نورالدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك ابننا الفاضل في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله أن يهديك ويتوب عليك ويُصلح الأحوال، وأن يقدّر لك الخير، ويردّك للصواب، ويُحقق لنا ولكم الآمال.

أنت مطالب بهجر المعاصي والبُعد عن أماكنها، فاتق الله حيثما كنت، وقد أحسنت بحرصك على الذكر والصلاة، وندعوك إلى الخشوع في صلاتك وإتمامها حتى تنهاك عن المنكر، واستحضر عظمة من تذكره سبحانه، وتذكّر نظره إليك وقدرته عليك، فكيف تعصيه وهو يراك، وكيف تعصيه وهو قادر عليك؟!

وأرجو أن تعي خطورة ما يحصل، وإذا كنت تعصي الله ثم تصلي وتذكر الله فأنت كمن تنقض غزلها من بعد قوة أنكاثًا، فلا تضيع حسناتك بالسيئات، واعلم أن رسولنا يقول: ((ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه))، فالمنكرات ينبغي أن تتكرها بالكلِّية، أمَّا النوافل فتفعل منها ما تستطيعه.

ولا شك أن المعاصي لها آثارها الخطيرة على الدراسة والرزق والصحة الجسدية والنفسية، بل هي شؤم على الإنسان، واعلم أن وجودك مع والديك والحرص على رضاهما مع تركك للمعاصي كل ذلك مطلوب، وتركك لأكثر المعاصي لا يكفي، فلابد من تركها كلّها، واحرص على شغل نفسك أيضًا بالدراسة والهوايات النافعة، وابحث عن رُفقة صالحة تعينك على الخير، وسد الأبواب الموصّلة إلى المعاصي، ولا تنظر إلى صغر الخطايا ولكن انظر إلى عظمة مَن تُبارزه بالعصيان، واعلم أن الله سبحانه يستر على العاصي ويستر، لكن إذا تمادى العاصي في العصيان وبارز الله العظيم بالمعاصي فإن ربنا يهتك ويخذل العاصي، وقد يحُول بينه وبين التوبة، فانتبه لنفسك، وخوّفها بقول الله تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تُصيبهم فتنة أو يُصيبهم عذاب أليم}.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونتمنى أن تتواصل مع موقعك، ونسأل الله أن يوفقك ويسهّل أمرك، وأن يتوب علينا وعليك، ونسأله لنا ولك الهدى والتقى والعفاف والغنى.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً