الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحتاج نصائح للتعامل مع أم زوجي القاسية.

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من مشكلة مع زوجي وأمه، تزوجت منذ أربعة أشهر زواجا تقليديا، أم زوجي صديقة أمي، تقدمت لخطبتي لابنها وتمت الرؤية الشرعية، واتفقنا على الزواج، وأن يكون لي سكني الخاص، وبحكم أن مدخول زوجي لا يكفي فيساعده والداه بحكم أن كليهما يعملان ومدخولهما جيد، كما اتفقنا ألا يأخذ مني زوجي مالي؛ لأنني أعمل أيضا إلا ما أقدمه بإرادتي.

بعد الزفاف انقلبت كل الأمور، أنزلت حماتي أغراضها قائلة أن زوجها قرر أن نعيش كلنا مع بعض، فلم أعترض، مع أن هناك مطبخا مجهزا في الطابق العلوي الذي يسكنه أهل زوجي، وكان من المنطق أني وزوجي نصعد إليهما في موعد الطعام، وأن أعد أنا الطعام.

كما أنها تركت أغراض ابنتها المتزوجة في الطابق الذي أنا فيه، وعندما تأتي لزيارتهم تنام في تلك الغرفة أو تصعد إلى غرفتها في الطابق العلوي كما ترغب، فكله بيت أهلها، يعني لا خصوصية لي أنا وزوجي، حتى عندما يكون في المنزل تشغله أمه بالحديث أو بتنفيذ طلب لها من الخارج؛ بحيث يخرج ولا أراه إلا ليلا، ولا أعترض على تصرفها رغم أني ما زلت عروسا.

بدأت تطلب مني أن أغسل وأطبخ كما تريد هي، حتى عندما يرغب زوجي في أكلة معينة تقول لا، بل اطبخي كذا، فأضطر لأفعل ذلك، ومرة أيقظتني من النوم حتى ننظف الدرج، وعندما وجدني زوجي مشغولة طلب من أخته أن تحضر له أكله، فتدخلت وقالت له أختك مشغولة، حزنت لأن الأولى أن أخدم زوجي، فذهبت لخدمة زوجي ثم عدت للعمل، وكثير من هذه التصرفات، ويوميا أنتظر برنامجها ماذا علي أن أطبخ أو أنظف أو أخرج معها! وتدخلت في ذهابي لأهلي وحدثت مشكلة بسبب ذلك، رفضت ذهابي إلى أهلي أو محادثتهم، تنتقدني وتظهر عيوبي باستمرار أمام زوجي حتى بدأ هو ينتقدني، سرقتني، حملت ولم ترفق بي، بل تدفعني لعمل البيت، فصرت أتعب لأني أتوحم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك أختنا الكريمة وردا على استشارتك أقول:
إن أحق الشروط بالوفاء ما استحلت به الفروج، فالشرط الذي شرطتموه على زوجك شرط صحيح وواجب عليه الوفاء به، وكيف تأخذ المرأة راحتها مع زوجها إن كانت تعيش بين أفراد أسرته.

الذي أنصح به في هذه الحال هو أن تجلسي مع زوجك وتتحدثي معه بما حصل، وأن هذا خلاف الشرط الذي كتب في وثيقة الزواج.

لا بد أن يعرف زوجك أنك صرت زوجة لا خادمة، فأنت لست مجبرة على أن تقومي بالأعمال التي فيها خدمة لبقية أفراد أسرته، لكن لو خصصوا لكما شقة فيمكنك أن تتعاوني مع بقية النساء المتواجدات في البيت من باب الحفاظ على أسرتك وبقاء الود مع والديه.

بيني له أنك لا ترفضين مساعدة أسرته في الأعمال المنزلية شريطة أن يكون هنالك احتراما متبادلا، وعليك أن تبيني له ما تجدين من الإذلال والاتهامات وغير ذلك، وأنه بالرغم من ذلك لم تحصل منك أي ردة فعل.

لا بأس أن تتنازلي عن بعض راتبك مقابل استقرار حياتك مع زوجك والحصول على شقة مستقلة، فراحة البال تشترى والمال يعوض -بإذن الله-، لكن لا تتنازلي عن شيء إلا إن تيقنت أنك ستحصلين على مرادك.

عليك أن تعالجي هذه المسألة بشيء من الهدوء والتأني، وأن تكوني صبورة وهادئة الأعصاب فالتأني من الله والعجلة من الشيطان، وعليك كذلك أن تتدرجي في الحصول على ما تريدين ولا تطلبي الأمر جملة واحدة فيفوتك جملة واحدة وتتعقد الأمور أكثر.

أوصيك بالتضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وتحيني أوقات الإجابة، وسلي الله تعالى أن يلين قلوب والديه، وأن يلهم زوجك الرشد، وأن ييسر لك العيش مع زوجك بسعادة وراحة.

أكثري من دعاء ذي النون (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

أكثري من تلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة، فذلك سيجلب لقلبك الطمأنينة كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).

عليك بالرفق دوما، فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، ولا أود في هذه الفترة أن تبلغي أهلك بمعاناتك حتى لا تتعقد المسألة أكثر ويحصل نزاع بين الأسرتين، وقومي أنت بمفردك بمعالجة هذه القضية، فلعل الله يعينك وييسر أمرك.

اطلبي من والديك الدعاء، فدعوة الوالدين مستجابة كما ورد في الحديث الشريف، وأنصحك أن تقتربي أكثر من حماتك، وأن تتعاملي معها كأم، وبيني لها أنك تريدين أن تستفيدي من خبرتها في الحياة وقومي بخدمتها، وليني جانبك معها، فلعل الله يلين قلبها فتعدل من تعاملها معك وهكذا الأمر مع حماك، ولا تدخلي في مشاحنات مع أخواته، فإن من شأن ذلك أن يوغر الصدور عليك وتتآلب المكائد، وكوني حكيمة في التعامل مع الجميع.

نسعد بتواصلك في حال أن استجد أي جديد في هذه القضية وفي غيرها، ونسأل الله أن يلين لك القلوب، وأن يكفيك ما أهمك إنه سميع مجيب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات