الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد التخلص من الرهاب الاجتماعي والعيش بشكل طبيعي.

السؤال

السلام عليكم

أنا شخص، بعمر ٢١ سنة، حالتي صعبة، تعبت من الحياة، مشكلتي أن لدي رهابا اجتماعيا، لا أحب التجمعات، وإذا واجهت شخصا وتكلمت معه أو دخلت معه في نقاش حاد أرتعش، والرعشة في الرأس قوية، وأصاب بتوتر، ودقات قلبي تكون سريعة، وأيضا زد على هذا لا أعرف أن أتحدث أو أرد حرفا، لا أعرف كيف أفتح المواضيع أو أرد، أو أتناقش كأي إنسان طبيعي.

سبب مشاكلي الأهل، منذ أن ولدت ونحن مغتربين عن أقاربي، هم ببلد ونحن ببلد آخر، نرى بعضنا في الإجازات فقط، المهم: أن بيتنا كله مشاكل، الأم والأب يوميا في مشاكل ومشاحنات، تم ضربي ومعاقبتي في عمر صغير منذ أن كان عمري ست سنوات على الجدار، وصفعة على الوجه، وتخويف، فهم استخدموا معي كل أنواع الضرب على الوجه، وبسلك الخيزرانة من دون أي سبب، كنت محبوسا في البيت، لا أواجه الناس، ولا أخرج مع أصدقائي، وأبي يقول لي: لماذا لا تصبح مثل فلان! يتكلم أفضل منك، اتخذ معي كل أنواع التحطيم، إذا كيف تريدني أن أختلط بالناس أو أتكلم وأنت ساجني في البيت.

حالياً لا أذهب إلى الجامعة؛ لأنني تعبت من الرهاب، ونظرة الناس لي بأنني لا أعرف التحدث، فأنا جالس طوال الوقت لوحدي، ولا أتحدث مع أبي لأنني تشاجرت معه وقلت له: أنت سبب مشاكلي، قال: أنا لم أعمل شيئا أنت الذي عملت بنفسك هكذا.

تعبت من الدنيا، ودائما أفكر في الانتحار، وأحيانا أتذكر المواقف وحياتي القاسية، فأنا أبكي آخر الليل، أريد حلا لمشكلتي، وهل من الممكن أن تتغير شخصيتي وأعود طبيعيا، وأكون نفسي وأعرف كيف أتحدث وأُجب على الناس، أم أن شخصية الإنسان تتكون وتكون ثابتة ولا تتغير؟

أرجو منكم الإجابة بكل صراحة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ Abdullah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نعم شخصية الشخص يمكن أن تتغيّر، وهذا يتطلب علاجًا نفسيًّا وجهدا وتعاونا من الشخص نفسه مع المعالِج، وطبعًا ذكرتَ أسبابًا لما تعاني منه، وهي طبعًا التربية القاسية وأنت صغير، تترك أثرها على الشخص دائمًا عندما يكبر ويصبح إنسانًا مضطربًا وخائفًا ويعاني من الرهاب الاجتماعي، وهذا ما حصل معك.

هناك أشياء إيجابية في حياتك – أخي الكريم – فأولاً أنت الآن مُدركٌ لهذه المشكلة، وهذا شيء مهم، وثانيًا: وصلت للمرحلة الجامعية، وأيضًا هذا شيء إيجابي في حياتك.

أخي الكريم: هناك الآن علاجات نفسية متكاملة لتقوية الذات، وعلاج الأشياء السلبية والضعف في الشخصية، من خلال جلسات مُحددة، وإعطاء الشخص مهارات يُطبِّقها في الحياة اليومية، ثم يُراجع الطبيب، ويبني على ما تحسّن، ويصل إلى حلٍّ للأشياء التي أخفق فيها، وهكذا من تطور إلى تطور حتى تتغيّر الأشياء السالبة في شخصية الإنسان، وبالذات في حالتك طبعًا موضوع الرهاب وموضوع التحدّث وموضوع العلاقة مع الآخرين.

نعم، كما ذكرتُ يمكن للشخص أن يتغيّر، وهذا من خلال العلاج النفسي، والأدوية تلعب دورًا بسيطًا في الأعراض لفترة محدودة حتى يتم العلاج النفسي، وحتى يتم التغيير من خلال الجلسات النفسية؛ وهذه تأخذُ وقتًا، وكما ذكرت يجب أن يكون هناك تعاونا وجهدا منك – أخي الكريم -.

وفقك الله وسدد خطاك.
---------------
انتهت إجابة د/ عبد العزيز أحمد عمر ..... استشاري الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الشيخ/ عمار بن ناشر العريقي - مستشار الشؤون الأسرية والاجتماعية
---------------

بارك الله فيك - أخي العزيز - وأهلاً وسهلا ومرحبا بك في الموقع، ونسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يفرج همك ويشفيك ويعافيك، ويرزقك التوفيق والسداد وسعادة الدنيا والآخرة.

جميل منك أن تعلم أن حالتك مصنفة بالرهاب الاجتماعي؛ لأن معرفة المشكلة نصف الحل كما يقال، وإذا عرف السبب بطل العجب، وكونك تبحث عن العلاج نصف الحل أيضا.

بصدد العلاج فلا بد من زيارة طبيب نفسي مختص، وقد ثبت نجاحة حلولهم لمثل هذه المشكلة النفسية بفضل الله تعالى، فلا تتردد من تعاطي ما ينصحون به من العلاج الدوائي والسلوك شفاك الله وعافاك.

- عدم اليأس والقنوط من رحمة الله ومن العلاج بإذنه سبحانه.
- ضرورة تغيير طريقة التفكير والسلوك أيضا، وعدم تفسير الأمور بطريقة سلبية.
- عدم الانشغال والمبالاة بالناس في نظراتهم وآرائهم، فالناس - كما هو معلوم - لن يقدموا ولن يؤخروا.

- ضرورة التحلي بالثقة بالله تعالى والثقة في نفسك وقوة الإرادة والعزم والحزم على قدرتك على مدافعتها والتخلص منها، بالاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه واللجوء إليه سبحانه بالدعاء ولزوم أذكار الصباح والمساء لا سيما آية الكرسي والإخلاص والمعوذتين وأعمال اليوم والليلة، وقراءة القرآن الكريم، والاستغفار والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.

- التخفيف عن الضغوط النفسية، عليك بإعطاء النفس حقها من النوم والراحة والاسترخاء والنزهة والرياضة والزيارة ونحوها.
- لزوم الصحبة الصالحة التي من شأنها أن تخفف من همومك، وتسهم في نصحك وتقوية إرادتك، وتصغي لشكواك، وتحسن فن وأدب الحوار.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ويوفقك ويسعدك في الدنيا والآخرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً