الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا في دوامة بين زوجي ومشاعري وإخوتي، ساعدوني

السؤال

السلام عليكم.

زوجي له وجه طفولي، لا يحب اللحية، ولا يهتم كثيراً بهندامه، ضعيف الشخصية، ولا يستطيع التحدث مع أحد إلا وظهر عليه الارتباك، وأشعر بحركات جسده وارتباكه، إنه يظن أن الجميع على حق ما عداه، ولكن شخصيته تختلف معي ومع أصدقائه المقربين، فهو يبدو طبيعيا معنا.

بالنسبة لإخوتي فتبدو علامات الاشمئزاز واضحة جداً عليهم، وهذا يؤلمني جداً، فهم يرونه شخصا لا يليق بنا، والبعض منهم لا يسلم عليه ولا يريد رؤيته، فكيف أتجاوز هذا؟ فهو يؤلم قلبي كثيراً وأبكي بسببه، وأنا متقبلة زوجي؛ فهو نصيبي الذي منحني الله إياه، أعلم عيوبه، ولكن أحاول تحسينها بقدر ما أستطيع، فقد بدأ يهتم بمظهره ويربي ذقناً من أجلي، وهو طيب وخلوق ويحبني جداً.

أنا لا أحتفظ بصورته في هاتفي خشية أن يراه أحد وأرى ردود فعلهم تجاهه، ولا أريد إقامة حفل زواج؛ حتى لا يحضره زملائي وصديقاتي خشية أن يرونه ويتلفظون بكلمات جارحة، أخاف جداً من هذه الردود، فهي تؤلمني، خاصة وقد أرسلت قريبتي صورته وطلبت مني أن يلتحي لأنه يبدو كالنساء، أرغب أن أذهب به بعيدا عن أعين الناس، لا أريد أن يراه أحد، ولا أن يجرح أحد مشاعره ومشاعري، فهو نصيبي وأحاول إصلاحه، ولكن كيف أتعامل مع ضعف شخصيته؟

بدأت أشك في مشاعري تجاهه، هل أحبه حقاً، أم أني أشفق عليه؟ لا أشعر بالأمان معه، ولا أشعر برجولته، أخاف أ تكون شفقة وتنقلب في يوم ما إلى كراهية، أخاف عليه من نفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك -يا ابنتي- على تعاطفك وحسن تعاملك مع زوجك، جعل الله عز وجل عملك هذا في ميزان حسناتك.

ومن الواضح بأنك إنسانة على خلق ودين، وتملكين قلبا مفعما بالحب والعطاء، فاحرصي على هذه الصفات الجميلة، ولا تسمحي لأحد أن يغيرها أو يشككك بنفسك.

وردا على سؤالك حول طبيعة مشاعرك نحو زوجك فأقول لك: إن مشاعرك نحوه هي مزيج من الحب والعطاء والعطف والحنان والشفقة، وكلها مشاعر إنسانية راقية تزيد من متانة علاقتك الزوجية، وتمنحك رضا الله عز وجل، وهذه المشاعر عادة متداخلة في نفس الإنسان، لكن تحمل في مفهومها نفس المعنى، فمن يحب شخصا لا بد أن يشفق عليه وأن يغدق عليه حنانا وعطفا، وإن ما تقومين به نحو زوجك هو الأمر الصحيح، فلا تسمحي لمن لا يفهمون ولا يقدرون مثل هذه المشاعر الإنسانية الراقية بالتأثير عليك، أو على علاقتك بزوجك.

وهنا -يا ابنتي- أريد أن ألفت انتباهك إلى نقطة هامة، وهي أنك ودون قصد منك تشجعين الآخرين بالنظر إلى زوجك نظرة غير صحيحة أو دونية، فلقد ذكرت بأنك تتفادين الظهور معه ولا تحتفظين بصورته، وحتى رفضت أن يقام لكما حفل زفاف أو غير ذلك من الأمور والتي ترين فيها بأنك تحافظين على مشاعر زوجك، والحقيقة أن هذا خطأ كبير منك، فالتصرف الصحيح هو أن تظهري مع زوجك في كل مناسباتكم الاجتماعية، وأن تشعري كل من حولك بأنك فخورة به، وأن تتعاملي معه أمام الجميع سواء كانوا أهل أو أقرباء أو أصدقاء بكل احترام وتقدير، فلا تسمحي لإنسان أن يهينه أو يقلل من شأنه سواء كان حاضرا معك أو لا، وإذا صدر من أي شخص تصرف أو تعليق غير لائق بحق زوجك فيجب عليك مواجهة ذلك الشخص بنفس اللحظة، وبطريقة لبقة ومؤدبة، لكنها حازمة اللهجة، فقولي لذلك الشخص مثلا: أنا أحترمك وأحب زيارتك، لكنني أرفض هذا الكلام أو التصرف الذي صدر منك، وهو تصرف جارح وغير مقبول، فإذا كنت مصمما على تكرار الإساءة لزوجي فسأكون أو سنكون مضطرين لترك الجلسة، ولن نكرر الزيارة، هل هذا ما تريده حقا؟ فإن لم يعتذر أو إن تمادى هذا الشخص في تصرفاته وكلامه غير اللائق، فعليك حينها أن تنفذي كلامك، أي أن تتركي الجلسة أنت وزوجك وبكل هدوء.

هكذا -يا ابنتي- يجب أن تكوني حازمة مع كل من يتمادى في الإساءة لزوجك بسبب شكله أو شخصيته، فكرامتك من كرامته، وتذكري بأنه ليس هنالك شخص كامل الصفات، والإنسان بجوهره وليس بمظهره، والله عز وجل سينظر إلى أعمالنا وقلوبنا، وتذكري قول الله جل وعلا:(إن أكرمكم عند الله أتقاكم).

أتمنى لك كل التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً