الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أجاهد نفسي كي أتخلص من الرهاب، فبماذا تنصحونني؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب، عمري 25 عاما، أعاني منذ الصغر من الرهاب، منذ صغري وأنا أكره التجمعات والمناسبات ويصيبني الخجل والتلعثم، وضعف الصوت الشديد عند مقابلة الغرباء، والتبلد الملحوظ في التصرفات والأقوال وخصوصا وجهاء القوم.

وأيضا أكره الإلقاء ومخاطبة الناس بسبب الأعراض التي تظهر من رعشة وخفقان شديد في القلب وتشتت الذاكرة، وعدم القدرة على النظر في وجوه الناس إطلاقا لدرجة أنني أركب قرب أحدهم في وسائل النقل العامة ولا أستطيع أن أميزه ولا أعرف وجهه، وأمر بمجموعة شباب في الطريق فلا أسلم عليهم؛ لأن صوتي يضعف، ولا أستطيع النظر إليهم، وأحاول قدر الإمكان أن أشغل نفسي بإخراج هاتفي والنظر إليه خصوصا عند تركيز نظرهم علي، وأتمنى أن تبتلعني الأرض.

أيضا يأتيني الرهاب عند دخول المؤسسات والبنوك ونظرة الناس وخصوصا عند تسليط النظر علي مما يصيبني بالتخبط والتبلد والغباء الشديد ويزداد الأمر سوءا عندما ينتقدني أحدهم أو يضحك في تصرفي، أخاف من التوظف بسبب هذا الأمر، وأيضا لدي اكتئاب وقلق وزهج وإحساس بالضيق، وأحيانا تأتيني رغبة في البكاء وتشائم من المستقبل، فأصبحت كثير النوم، وملازما للبيت، وكثير التفكير في العمل، وأتضجر كثيرا، فأصابني الإحباط جراء ذلك، وأصبحت كثير التفكير في هذا الأمر بالرغم من أنني جربت أساليب العلاج السلوكي، وتصور المواقف، ومحاولة تحقير فكرة الرهاب، وتمارين الاسترخاء وقد تحسنت وتخلصت من كثير من الأشياء.

قرأت كثيرا في الموقع والاستشارات وجهودكم في توجيه ووصف العلاج (جزاكم الله خيرا وبارك فيكم وأثابكم على هذا الجهد)، وأحسست بأنني في حاجة إلى العلاج الدوائي، وأنني سأتحسن -بإذن الله-، وأحس بفرحة وانبساط عندما أجد أحدهم تعافى وتخلص من الرهاب في الموقع، فأرجو منكم أن تقودوني إلى النور، وهل تصل كفاءة العلاج في أن أكون جريئا وقوي الصوت والشخصية ويزول كل هذا؟ وما نوع الدواء الذي تنصحونني به في مثل هذه الحالة؟ وكم أحتاج من مدة لكي أتعافى من الرهاب والاكتئاب المصاحب له؟

أكرمكم الله وبارك فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ Gabash99 حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، ربما يكون لديك بالفعل درجة بسيطة من قلق المخاوف ذو الطابع الاجتماعي، والرهاب الاجتماعي بالفعل قد يبدأ في فترة مبكرة غالباً عند سن اليافعة أو الطفولة المتأخرة، والعلاج يتمثل في المواجهة وفي التحقير هذه أسس ضرورية جداً للعلاج، التجنب يزيد من الرهبة ويجعل ثقة الإنسان مهتزة في نفسه كثيراً، وكل ما يتصوره الإنسان من أفكار متعلقة بالخوف والرهبة الاجتماعية هي أفكار ليست صحيحة أبداً، مثلاً أنك مراقب من قبل الآخرين هذا ليس صحيحا أبداً، أو أنك سوف تفقد السيطرة على الموقف الاجتماعي هذا أيضاً ليس صحيحا.

فأنا حقيقة أشجعك وأحفزك وأطلب منك أن تتفاعل اجتماعياً، أن لا تتردد، وهنالك ثوابت اجتماعية وجدناها مفيدة جداً: الصلاة مع الجماعة هذه مفيدة جداً لعلاج الرهبة الاجتماعية، فيا حبذا إن كان الإنسان في الصف الأول، وكذلك الرياضة الجماعية مثل كرة القدم، تطوير الكفاءات الشخصية فيما يتعلق بحركة اليدين أو لغة الجسد عند الكلام ونبرة الصوت وتعابير الوجه هذه كلها فنيات بسيطة لكنها مهمة جداً لتطوير الإنسان اجتماعياً وسلوكياً.

بالنسبة للعلاج الدوائي نعم، أقول لك أن العلاج الدوائي متوفر بفضل الله، وقطعاً هو مفيد وأحسن النتائج تتأتى حين يتم تناول الدواء بانتظام وتطبق الإرشادات السلوكية والاجتماعية التي تكلمنا عنها.

من أفضل الأدوية التي أراها مناسبة بالنسبة لك وهو دواء سليم هو عقار سيرترالين ويسمى تجارياً زوالفت أو لسترال، وربما تجده تحت مسميات تجارية أخرى، الجرعة في حالتك هي الجرعة الوسطية ليست الجرعة الصغيرة وليست الجرعة الكاملة الكبيرة، تبدأ بجرعة 25 مليجرام أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على 50 مليجرام تتناولها لمدة 10 أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة لمدة أسبوعين، ثم اجعلها حبتين أي 100 مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر ثم اجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين ثم نصف حبة يوم بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين ثم تتوقف عن تناول الدواء، الدواء هذا كما ذكرت لك سليم جداً، ودواء يحسن المزاج، ويزيل التوترات والوسوسه وكذلك الرهاب الاجتماعي، من آثاره الجانبية أنه ربما يفتح الشهية قليلاً للطعام، كما أنه بالنسبة للمتزوجين ربما يؤخر القذف المنوي قليلاً عند المعاشرة الزوجية لكن ليس له أي تبعات أو آثار سلبية فيما يتعلق بذكورية الرجل أو صحته الإنجابية.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.. وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً