الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد حلاً لزوجي فهو حساس ويغضب من صغار الأمور.

السؤال

السلام عليكم

أريد حلاً مع زوجي، هو سخي وكريم وكل شيء أتمناه لدي، ولكن نحن كثيرو المشاكل، فزوجي أحسه ينتظرني على الخطأ وهذه ليست مشكلتي الوحيدة، فهو صعب في الإرضاء، وأشعر بأنه حقود، فنحن الآن لم نكلم بعضنا منذ أسابيع والسبب: هو أننا كنا ننوي الذهاب في دعوة لتناول الغداء لمنزل أهلي، وأنا أسكن فوق منزل أهل زوجي وعلاقتي معهم ودية ومحترمة، وتفاجأت بأن زوجي غضب مني بأني لم أدخل للسلام على أهله، وأنه دائماً يشعر بأني لا أحب أهله وهذا غير صحيح.

أهل زوجي يحبونني، ولكنني أشعر بأني أفقد حريتي واستقلاليتي، فهو يريدني إن خرجت أنزل لبيتهم، وإن رجعت أدخل عندهم كل يوم، وهذا يضيق من حريتي.

في بعض الأيام أكون مشغولة ببيتي وأولادي، علما بأنني أزورهم أكثر من زيارتي لأهلي، ولا أحد من حولي يفعل ذلك، وزوجي لا يزور أهلي إلا في المناسبات.

علماً بأنها لا تحصل بيننا مشاكل على ذلك وإن لم أزورهم لمدة يومين يأتي ويعاتبني، وبشكل عام وهو لا يرضى بسهولة.

دائماً أقدم له الاعتذار وغالبا ما يهينني، وفي المرات الأخيرة كان يقول لي بأني بلا كرامة لكثرة محاولتي إرضاءه، ونبقى على هذا الحال لعدة أيام، والآن أصبحت أسابيع! فهو كثير التدخل بكل شيء، ولأن عمله منزلي من اللاب توب (الكمبيوتر المحمول) فهو دائم الجلوس في البيت، وبصراحة أصدقاؤه ليسوا على خلق حسن، فحديثهم كله عن علاقتهم الخاصة، ولهم علاقات غير شرعية، فقد اكتشفت لأكثر من مرة خيانة زوجي لي بحديثه مع أخريات ومحاولة الخروج معهن، ولو لم أصارحه لبالغ في المعصية، ويأتي ذلك خلال فترة غضبه، فأنا أشعر بأنني السبب؛ لأنني دائمة الاعتذار سواء كنت مذنبة أو لا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ Noor حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، ونسأل الله أن يصلح الأحوال، وأن يجمع بينك وبين زوجك، وأن يؤلف القلوب ويحقق لك الآمال.

سعدنا بثنائك في البداية على زوجك وأنه سخي كريم، وأنه يوفر لك كل ما تتمنين، وهنا ندعوك إلى أن تدركي أنه من الصعب أن تجدي رجلاً بلا عيوب، كما أن الرجل يصعب عليه أن يجد امرأة بلا نقائص، وإذا كانت المشاكل كثيرة فإن من المهم أن تحرصي على تفادي أسباب حصول هذه المشاكل، وإذا كان زوجك يرغب في أن تكوني قريبة من أهله وهم -ولله الحمد- يحبونك فأرجو أن تهتمي بهذا الجانب، وقطعاً الرجل أحياناً يكون يطلب هذا لأنه تربى على هذا النمط، فهو سعيد بقربك من أهله، وإذا كان أهله يقدرونك ويحبونك وبينكم المشاعر النبيلة فأرجو أن تهتمي بهذا الجانب، فإن العاقلة تهتم بالأمور التي ترضي زوجها وتجعله دائماً يكون سعيدا.

أيضاً إذا كان زوجك حساس ويغضب من الأمور الصغيرة فإن من الذكاء والحنكة والحكمة أن تتفادي الأمور التي تثير غضبه، وهذا معنى في غاية الأهمية، فإن المرأة إذا كان زوجها سريع الغضب أو إذا كان زوجها سريع العصبية من أهم الحلول والعلاجات أن تتفادى أسباب هذا التوتر، وهذا يعينها إن شاء الله أولاً على تقدير مساحة الخلاف ومساحة المشكلات.

كذلك هذا يسعدها ويجعلها تسعد، فإن الزوجة تسعد عندما تقدم رضا زوجها على رضاها وزوجها على هواها، وهي تدرك أن طاعتها للزوج من طاعة الله طالما كان يأمر بأمر ليس فيه معصية لله تبارك وتعالى.

إذا كنت تشكين من أصدقاء السوء فإن أقصر طريق هو أن تقتربي من زوجك، أن تدخلي إلى حياته وتزيدي القواسم المشتركة بينكما، وأن تقتربي منه أكثر وأكثر وتحرضيه على صحبة الأخيار، وتحاولي دائماً أن تلمسي هذا الجانب، وتذكريه بأنك حريصة على أن تأسسوا البيت على ما يرضي الله تبارك وتعالى، واجتهدي أيضاً في أن يكون كما قلنا حبك وصلتك بأهله كبيراً، لأن هذا من أهم العوامل التي تعين في مثل هذه الأحوال على استقرار هذا البيت، وهذه الأسرة التي تنتمي إليها، كون الزوج لا يرجع بسرعة إذا غضب فهذا قطعاً عيب، ولكن الحل في هذه الحالة أن نتفادى حصول مثل هذه المشاكل، وأن تحرصي أيضاً على الاستمرار في الاعتذار له حتى يرضى، ولا مانع بعد ذلك من أن تعرضي ما عندك من أحاسيس أو مشاعر.

نحن نقول دائماً العاقلة إذا خاصمها زوجها في الصباح فإنها تصالحه ظهر اليوم، ثم في المساء، أو في اليوم الذي يليه، تعرض عليه بطريقة رائعة وهادئة أن الموقف الفلاني كسر خاطرها، وأن الموقف الفلاني أحزنها، وبالتالي تنال ما تريد، عند ذلك سيعتذر لها الزوج لأنها اختارت الوقت واختارت الأسلوب الرائع للحوار.

كون الزوج أيضاً يجلس في البيت ويطيل الجلوس في البيت هذا قطعاً يحتاج منك إلى تجديد النشاط إلى تنويع الهموم داخل البيت إلى إشراكه في بعض المهام، إلى القرب منه ومساعدته في بعض المهام التي يقوم بها، فإن قربك منه يبعد عنه كل شيطانه من شياطين الأنس والجن، وحرصك على ربطه بالله تبارك وتعالى يضمن لك بعده عن الشيطان وعن أعوان الشيطان وعن أصدقاء السوء.

أرجو أيضاً أن تجتهدي في أن تكون لكم طاعات مشتركة، فإن الله قال في كتابه (وأصلحنا له زوجه) ماذا كانوا يفعلون (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين).

كذلك أيضاً الحديث عن علاقات الأصدقاء السالبة والسيئة ينبغي أن يكون لك فيه موقف وتذكير بالله تبارك وتعالى، وحرضيه على صحبة الأخيار، وإذا كان من محارمك أحد الصالحين فشجعي قربه منه وكثرة زيارته له في البيت لعله يجد عنده الصداقة التي تعوضه عن صداقة الأشرار، ونؤكد أن الزوجة صديق أول لزوجها، وكذلك الأمر بالعكس، فاجعلي بيتك جاذباً وثغرك باسماً وفراشك ناعماً.

اهتمي بزوجك حتى يبادلك الاهتمام بالاهتمام، وأيضاً لا تتوقفي عن الاعتذار؛ لأن الشريعة تريد للمرأة حتى لو كان الزوج مخطئا أن تبادر، ولا تغمض عينا حتى يرضى، ولا مانع بعد ذلك من أن تعبري عن الشيء الذي أدخل عليها الحزن، وعند ذلك تجد الاستجابة من الزوجة، فكثرة المشاكل وكثرة الخصام مع الزوجة على الأمور الصغيرة والكبيرة هذا مما يعكر صفو الحياة الزوجية، وهذا ما لا نريده لك.

ونسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم التوفيق والسداد، وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه ونتمنى أن تحتسبي سعيك في إصلاح الزوج وفي إرضائه طاعة لله تبارك وتعالى، لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم، فكيف إذا كان الرجل هو زوجك، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، ونكرر لك الشكر على التواصل ونرحب بك في موقعك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً