الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وسواس الطلاق الذي دمر حياتي والأدوية غير مجدية، ساعدوني.

السؤال

السلام عليكم

أنا متزوج منذ أربع سنوات ولدي ابنة -ولله الحمد- ولكن منذ ثلاث سنوات أتتني وساوس بالطلاق أتعبتني كثيراً، لدرجة أنني خلالها أنام وأستيقظ، وأنام وأفكر فيها في جل وقتي.

أتعبت جميع مشائخ بلدي بالاستفسار عن هذه المسائل حتى ملوا مني، وخجلت من نفسي، اشتريت دواء سبرالكس واستمريت عليه لأكثر من عشر أيام، ولم أشعر بأي تحسن من ناحية الهواجس والوساوس، بل أصبح الانتصاب ضعيفا أكثر من السابق، مع تأخر شديد بالقذف.

أخذت معه سياليس 10 مل ولم أتحسن، والانتصاب ليس قويا بل يستمر لثوان فقط ثم يرجع، تعبت من نفسي وزوجتي صابرة علي؛ لأن لها احتياجاتها وأنا عاجز كأنني في التسعين من عمري، فماذا أفعل؟

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الكريم حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد


أشكر لك تواصلك معنا في استشارات إسلام ويب، وأنت لديك استشارة سابقة رقمها (2311949) بتاريخ 20/7/2016، وقد وجّهنا لك الإرشاد والنصح التام حول كيفية التعامل مع هذه الوسوسة.

أنا لم أكن أتصور أنك سوف تعيش مع الوسواس لهذه الفترة الطويلة، الوسواس يجب ألَّا يكون مصاحبًا للإنسان، يجب أن يُغلق الباب أمامه، يجب أن يُحقّر، يجب ألَّا يُعر اهتمامًا، ويجب على الإنسان أن يُعالجه.

يجب أن ترفض هذه الوساوس، وأنا على ثقة أنك قادر على ذلك، والوسواس متسلّط ومُلح ومستحوذ، والإنسان يعرف سخفه ويحاول أن يتخلص منه لكنه يجد صعوبة، وعلى ضوء ذلك أفاد العلماء -جزاهم الله خيرًا- أن صاحب الوساوس من أصحاب الأعذار.

التلفظ بالطلاق أو الإلحاح الوسواسي -كما نسمّيه- على الطلاق: أسقطه العلماء تمامًا، لا حرج شرعي فيه أبدًا، لكن هذا لا يعني أن نقبل بهذا الوضع أو نتعايش مع هذا الوضع.

حقّر هذا الموضوع تمامًا، ويجب أن تحقّر الفكرة حين تبدأ عندك كخاطرة، ولا تنتظر حتى تكتمل كفكرة، وحاول أن تربط الخاطرة في بدايتها بشيء قبيح، شيء مؤلم، ككارثة، حريق طائرة، ضع الفكرتين في القالب ذاته، وفكر فيهما في اللحظة ذاتها، سوف تجد أن فكرة الوسوسة ابتدأت تضعف؛ لأن الأشياء المتناقضة لا تلتقي في حيّز فكري واحد.

هذا التمرين تمرين ممتاز، إذا طبقه الإنسان بصورة إيجابية وصحيحة وجدّية، وقد أشرت لك في الاستشارة السابقة حول هذا الموضوع.

تمرين آخر بسيط جدًّا لهذا النوع من الوسواس: وأنت حين تأتيك الفكرة في بداياتها -أو كما ذكرنا حين تكون خاطرة- أخرج لسانك قليلاً وقم بالعضِّ عليه، لدرجة أن تحسّ بالألم، هذا أيضًا علاج تنفيري، الألم يُنفّر الوسواس، هذه نسمِّيها بالحيل السلوكية، وهي مفيدة جدًّا.

العلاج الدوائي: أبشرك هذا المرض يستجيب للدواء بصورة ممتازة، وأفضل دواء بالنسبة لك هو الفافرين، وليس السبرالكس، الفافرين لا يؤدي إلى صعوبات جنسية، والفافرين دواء رائع جدًّا لعلاج هذا الوسواس، وأنا لا أعتقد أنك تحتاج للسيالس، لا، الخوف من الفشل يؤدي إلى الفشل فيما يتعلق بالعلاقة الزوجية. وعليك باللعب الجنسي اللطيف والمباح، وليس من الضروري أن يحصل الإيلاج دائمًا، هذا أمر غريزي يتمُّ في سترٍ وفي ضوء السكينة والمحبة والمؤانسة مع الزوجة العزيزة. انظر للأمور من هذه الزاوية.

الفافرين تبدأ بجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوع، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم تجعل الجرعة مائتي مليجرام ليلاً، وهذه هي الجرعة العلاجية في حالتك. استمر عليها لمدة شهرٍ، ثم تُضيف إليها عقار (رزبريادون) بجرعة واحد مليجرام ليلاً لمدة شهرين، هذا علاج تدعيمي، وأيضًا ليس له أثر جنسي سلبي. تستمر على الفافرين بعد التوقف من الرزبريادون، تستمر عليه لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم تخفض الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً، وهذه هي الجرعة الوقائية، التي أريدك أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، بعد ذلك نبدأ الجرعة الوقائية التوقفية، أي التي يتوقف بعدها الإنسان عن الدواء، بأن تجعل الجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا ليلاً يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً