الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أسباب السرقة عند الأطفال وكيفية معالجتها

السؤال

لدي طفل لديه 12 عاماً يقوم بسرقة أموال من أخواته، وتكرر هذا الموضوع أكثر من مرة، وقمت بتنبيهه عليه ونصحه أكثر من مرة، وقمت بضربه أكثر من مرة وبحرمانه من المصروف وبحبسه في المنزل، وكل مرة يعد بعدم التكرار ولكنه يكرر هذا الموضوع، والآن ماذا أفعل أخبروني فإني في رعب شديد خوفاً من أن يصبح لصا في المستقبل؟


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله العظيم أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، وأن يجعل الصلاح ميراثاً في ذرياتنا إلى يوم الدين.. وبعد:

فإن هذا الطفل يحتاج إلى معالجةٍ لطيفة، وإلى بحث عن أسباب هذا الخلل الذي لا نفضل أن نسميه سرقة؛ وذلك لأن السرقة هي أخذ مال خفية من حرزه، ولابد أن يكون ذلك من بالغ عاقل مكلَّف، والطفل لا يميز وليس عنده الخلفية الفكرية لمسألة السرقة، وغالباً ما يخلو عمله من القصد والنية، وأرجو عدم اتهامه بأنه سارق؛ لأن الطفل إذا أعجبه شيء أحب أن يتملكه ويأخذه، وهنا يأتي دورنا في التوجيه والتعليم له، وحب التملك فطرة في الإنسان، ودورنا هو تهذيب هذا الشيء حتى يستقيم مع أحكام الشريعة، ويربى الطفل على عدم الطمع والنظر إلى ما في أيدي الناس.

وإذا حاولنا أن نبحث عن أسباب مثل هذا السلوك فإننا نستطيع أن نحصرها في الآتي:

1- نقص الجرعة العاطفية بالنسبة للطفل.

2- المنع والحرمان، وخاصة الحرمان من المصروف المدرسي؛ لأن الطفل لا يطيق أن يرى غيره يتمتع وهو محروم.

3- عدم العدل بين الأبناء.

4- أصدقاء السوء.

5- القسوة في العقوبة التي تدفعه للانتقام وتعوده الكذب والكثير من سيئ الصفات.

6- المعالجة الخطأ، ومن ذلك تعيير الطفل بالأخطاء السابقة، وتسميته باللص أو اتهامه عند حدوث مشكلة أو فقد شيء معين.

7- الرغبة في لفت الأنظار، والصعود إلى شاشة الاهتمام الأُسري.

8- مشاهدة الأفلام التي فيها سرقات وانحرافات، وإظهار المجرمين بمظهر الذكي السعيد الناجح -بكل أسف-.

9- الدلال الزائد، والذي يترتب عليه تلبية كل الرغبات.

10- الأنانية وحب النفس والممتلكات.

وأرجو أن نعرف أن سرقة الأطفال لها دوافع كثيرة لابد من وضعها في الاعتبار؛ فقد يُعطي الطفل زميله شيئاً ويظن أن من حقه أن يأخذه في أي وقت، وقد يأخذ معه أشياء أخرى، وقد يسرق لفرط إعجابه بألعاب الآخرين، وقد يسرق ليحمي نفسه من العقاب، وقد يكون هدفه الجمع والاقتناء وليس للحاجة، وقد يسرق من إخوانه وزملائه المتميزين للانتقام منهم، كسرقة دفتر زميله ثم تمزيقه.

ومن هنا كان لابد أن ننظر إلى كافة الجوانب عند علاجنا للظواهر السلبية عند الأطفال، وإليك بعض النصائح والتوجيهات:

1- الحرص على إشباع حاجيات الطفل العاطفية والنفسية.

2- مراقبة مقتنيات وممتلكات الطفل بين الفينة والأخرى.

3- احترام حقه في التملك.

4- عدم فتح وإغلاق الأدراج أمامه.

5- إعطائه فرصة للتعامل مع النقود، وتعليمه المحافظة عليها، وتربيته على القناعة وعدم النظر إلى ما في أيدي الناس.

6- إشعار الطفل بمحبة جميع أفراد الأسرة له، وإحساسه بالانتماء الكامل.

7- التربية على الحفاظ على المال العام.

8- تشجيع روح الأمانة والصدق عند الأطفال.

9- تفادي العقاب البدني والتوبيخ لما لهما من آثار نفسية مدمرة.

10- كثرة اللجوء إلى الله الذي يجيب من دعاه، مع ضرورة تجنب الدعاء عليه.

11- تجنب طريقة التحقيقات في التعامل مع الطفل.

وننصحك بأن تأخذ هذا الطفل معك وتشبك أصابعه في أصابع يدك، وتلاطفه وتحاوره بهدوء، وعند ذلك سوف تعرف الدوافع الحقيقية لهذه الممارسات الشاذة، وما الذي يحوجه إلى فعل ذلك؟
واستخدام اللمس والملاطفة يجعل الطفل يشعر بالأمان وعند ذلك يبوح عن مكنونات نفسه.

والله ولي الهداية والتوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً