الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما علاج كثرة الفزع والخوف عند دخول أي أحد علي؟

السؤال

السلام عليكم.

من فضلكم، يحدث لي أنه إذا دخل أحد غرفة أنا فيها أو مر أمامي أفزع جدا، وهذا ليس بسبب أني غير متوقعة عدم دخول أحد، بل هكذا دوما أفزع.

كذلك عندي مشكلة في الهمة، فمثلا إذا طلبت العلم واختبرت لا أحرص على درجة عالية، أحرص أن أفهم، وما أخطأت فيه أتعلمه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لك الطمأنينة والسعادة، وأن يُصلح الأحوال، وأن يُحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.

لا شك أن هذا الفزع الذي يعتريك يحتاج منك إلى مواظبة على ذكر الله تبارك وتعالى، وأذكار المساء والصباح، وأيضًا أرجو أن تُعطي الأمور حجمها، فلا تنزعجي، واجتهدي دائما في تعليم من حولك وتذكير أفراد الأسرة بضرورة أن نتمسّك بآداب الاستئذان، فإن الإنسان لا يصح له الدخول على آخر دون أن يُشعره، حتى في البيت الواحد، حتى إذا كنت ستدخلين على الوالد أو الوالدة فلا بد من الاستئذان، لذلك الشريعة اهتمّت بهذا الجانب الهام جدًّا، والاستئذان ليس من الضروري أن يكون بطرق الباب أو كذا، ولكن إشعار الداخل بتسبيح، أو رفع ذكر، أو رفع صوت، أو نحنحة أو غيرها، كما كان يفعل ابن مسعود وابن عمر – رضي الله عنهم وأرضاهم -.

وهذا الأمر كما قلنا يحتاج منك إلى مواظبة على ذكر الله وسؤاله الطمأنينة والسعادة، وأيضًا مراجعة هذا الأمر، فكل مَن في البيت وكل من حولك وكل من يدخل عليك لا يريد لك إلَّا الخير.

أمَّا بالنسبة للجزء الثاني ومسألة الهمّة: فاسألي الله أن يرزقك همَّةً عالية، لأن الهمَّة العالية مطلب لكل مسلم، ونتعلَّم علوَّ الهمّة من أنبياء الله، من نبي الله سليمان، الذي سأل الوّهاب فوهبه، قال: {رب اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعدي إنك أنت الوهاب}، كذلك نتعلَّمها من عباد الله الذين قالوا: {واجعلنا للمتقين إمامًا}، كان يمكن أن يقولوا: (واجعلنا للمتقين) وأعظم بها من رتبة، لكن علوّ الهمّة جعلهم يقولوا: {واجعلنا للمتقين إمامًا}، ونتعلَّم علوّ الهمّة من رسولنا الذي علَّمنا إذا سألنا الله أن نسأله الفردوس الأعلى، وهو الذي سأله النبي لربه - عليه صلوات الله وسلامه – في آخر لحظات حياته - عليه صلاة الله وسلامه - فمن نبيِّنا نتعلَّمُ علوّ الهمة.

وأرجو أن تعلمي أنك خُلقت لغاية عظيمة، فلا تعيشي في الحفر، وعيشي بهمّةٍ عالية، وإذا طلبت العلم أيضًا فاطلبي أعلاه، واطلبي أن تكوني في المقدمة، وهذا أمرٌ مشروع، مشروع للإنسان أن يطلب الدرجات العليا، وأن يجتهد في أن يوفّقه الله تبارك وتعالى إلى رفعة الدنيا ورفعة الآخرة.

وأيضًا نحبُّ أن نذكّرك أن معرفة ثمار علو الهمّة، وأنها دأب الصالحين، وأنها دأبُ الأنبياء قبل ذلك، ودأب أولياء الله تبارك وتعالى، يجعل الإنسان دائمًا يتطلّع إلى علو الهمّة، ليس في طلب العلم وحده، لكن في العلم، وفي العبادة وفي الحياة، احرصي دائمًا على أن تكوني في المقدمة، واحرصي قبل ذلك على أن تُخلصي لله تبارك وتعالى، واعلمي أن الإخلاص لله والرغبة فيما عنده من أكبر الدوافع التي تُحيي في نفوسنا الهمم العالية.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونرحب بك مُجددًا في موقعك، وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ونعتقد أن رمضان فرصة من أجل أن نُدرِّب أنفسنا على علو الهمة في العبادة والإنابة والإقبال على الله، ونسأل الله أن يُعيدهُ علينا وعليكم أعوامًا عديدة وسنوات مديدة في طاعته، وأن يجعلنا جميعًا ممَّن طال عمره وحسن عمله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً