الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أستطيع اتخاذ القرار؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب، أعمل طبيبا، وعندي مشاكل نفسية كثيرة ترجع أغلبها إلى الطفولة (حيث كنت أعاني من الخجل والخوف الاجتماعي والخوف من الناس والخوف من الفشل) أعاني من مشاكل كبيرة في اتخاذ القرار، والتردد في اتخاذها، ودائما ما أفسد الأمور بالتردد، خسرت أموالا بسبب ذلك، وذلك لعدم تعودي على تحمل المسؤولية بسبب تربية والدي في اتخاذ القرار دائما، منذ الصغر، وعندما كبرت وأصبحت في موقع المسؤولية أجد صعوبة كبيرة في ذلك لدرجة سببت لي أمراضا نفسية، وعدم تحمل أدنى درجات الضغط، وأصاب بالهم والغم لفرط التفكير لأسباب تافهة، حيث بدأت أحس بالفشل والدونية والخوف من الفشل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: القلق هو الذي ساعدك على الإنجاز الأكاديمي والتخرُّج كطبيب، لأن الذي لا يقلق لا ينجح، ولا يؤدي، ولا يفيد نفسه، لكن يظهر بعد التخرُّج أن هذا القلق أصبح يتراكم ويحتقن ويتحول إلى قلق سلبي، وأنت ذكرتَ أنك تعاني من بعض الصعوبات منذ الطفولة، لكن لا أريدك أبدًا أن تتخذ ذلك تبريرًا لما تعاني منه الآن. الذي تعاني منه الآن هو عدم قدرة على التكيُّف، يُوجد لديك شيء من قلق المخاوف مع عُسر في المزاج. وقطعًا التردد في اتخاذ القرارات سببه التوجُّه الوسواسي في التفكير، الشخص حين يكون تفكيره وسواسيًّا يُصاب بكثير من التردد.

فيا أخي الكريم: أنا أقول لك لا تتردَّد، فاضل بين ما تريد أن تختار، وضع مثلاً ثلاث خيارات لأي مشروع أو موضوع تريد أن تقدم عليه، وفاضل بين الثلاثة، واستخر، وتوكل على الله، ونفِّذ أحد هذه الخيارات، وميزة الاستخارة أنك تكون قد سألت مَن بيده الخير أن يختار لك الخير. طبعًا هذا يحدث في الأمور الكبيرة، ليس في كل شيء.

فإذًا عليك أن تُخطِّط، وأن تعزم، وأن تقصد، وأن تختار ما تريد، والاستخارة – كما ذكرتُ لك – أمرٌ جيدٌ جدًّا يُساعد الإنسان في اتخاذ القرارات المهمّة.

أحسن إدارة الوقت، لأن حُسن إدارة الوقت يُقلِّل من التردد؛ لأنك لابد أن تُنجز كل شيء في وقته، ولابد أن تضع خارطة حول إدارة المستقبل (التخصص – التميُّز – الحصول على أعلى الدرجات العلمية، الزواج) كل هذا أمورٌ يجب أن تُخطِّط لها، وأنت حين تفكّر في هذه الأمور الهامَّة والجادَّة يتقلَّص لديك التفكير السلبي.

لا تشعر بالدُّونيّة، هذا شعور سخيف، الإنسان لا يُضخّم نفسه ولا يُحقّرها، بل يعطيها حقَّها، انظر إلى إيجابياتك وهي كثيرة جدًّا، ويجب أن تكون شفَّافًا ومُنصفًا لنفسك، لا تُحقّرها، الله خلقك في أحسن تقويم، أعطاك العقل، أعطاك العلم، فلماذا تُقلِّل من قيمة ذاتك يا أخي؟ ولماذا الخوف من الفشل؟ فالحياة كلّها محاولات.

عليك بالصحبة الطيبة، وابحث دائمًا عن النماذج الصالحة في الحياة، وهذه وسيلة تعليمية مهمَّة جدًّا، يجب أن تُكثِّف من تواصلك الاجتماعي، ولا تتخلَّف عن أي واجب اجتماعي.

الالتزام بالواجبات الاجتماعية حقيقةً يعود عليك بعائد إيجابي نفسي كبير جدًّا، وفيه تعزيز على السلوك الإيجابي، فاحرص على ذلك، صلاتك يجب أن تكون في وقتها، وحرصك على الأذكار ووردك القرآني يجب تلتزم به، بر الوالدين، هذه كلها لابد أن تُعطيها اهتمامًا، وأنا أحسبُ أنك تقوم بذلك.

أخي الكريم: ليس هنالك ما يمنع أن تتناول أحد مُحسّنات المزاج ومُزيلات الخوف لفترة قصيرة، أنت لا تحتاج للدواء لفترة طويلة، وأنا أرى أن عقار (استالوبرام/سبرالكس) سيكون مناسبًا جدًّا لك، حيث إنه سليم وجيد وغير إدماني، تبدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تتناولها لمدة أسبوع، ثم تجعلها حبة واحدة (عشرة مليجرام) يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام – أي نصف حبة – يوميًا لمدة أسبوعين آخرين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم يتم التوقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً