الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أستطع التأقلم مع الأوضاع الجديدة بسبب كورونا.

السؤال

السلام عليكم.

منذ دخول مرض كورونا، وبسبب العزلة الصحية المفروضة انقلبت حياتي رأسا على عقب ومن ثم أصبت بنوع من الوساوس والشكوك، أصبحت غير مرتاح خاصة عند الاستيقاظ من النوم، أرى أن الحياة سوداء، ثم تحول هذا إلى وساوس أخرى غير متعلقة بكورونا، بل لم أعد أهتم بكورونا، الآن أصبحت أسيرا لوساوس أخرى غريبة، أخاف أن تحصل لي، وأبدأ في التفكير التشاؤمي على كل ما سيحصل.

والله أصبحت أيامي أسيرة لهذه الوساوس والأفكار المزعجة، أنا مواظب على الصلاة والذكر، وأشعر بتحسن بين الفينة والأخرى، لكن سرعان ما تأتي تلك الأفكار المزعجة التي تربكني، وأدخل في دوامة وأختنق.

أعلم أن كل هذا بسبب الحجر الصحي، وتغيير نمط الحياة، لو لم يكن الحجر الصحي أعتقد بأن هذا لن يحصل، لأنني كنت منغمسا مع فريقي وحياتي التي كانت لا تعرف الفراغ.

من فضلكم هل من مساعدة لأنني أعاني الأمرين، أكثر من شهر وأنا في هذا الحال، أظل أفكر حتى أبدأ بالبكاء، لا أعلم هل هي وساوس قهرية مع خوف واكتئاب، هل هنالك من علاج؟ على الرغم أنني لا أريد استعمال أي نوع من الأدوية، هل هناك حل؟

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

هذا نُسمّيه بعدم القدرة على التكيف، يمرُّ ظرفٍ فظيع بالعالم أجمع، وحقيقة لست أنت انقلبت حياتك رأسًا على عقب، إنما العالم كلّه كما تُشاهد، هذه الجائحة، هذا الوباء الذي انتشر هزّ العالم كله، الغني، الفقير، الضعيف، القوي -كما تُشاهد-، حين تكون هذه المصائب أو الابتلاءات شاملة لكل الدنيا يجب ألّا ينظر إليها الإنسان بخصوصية أو شخصنة، ليست واقعة عليك وحدك، هنالك مَن فقدوا حياتهم، هنالك مَن هم في العناية المركّزة، هنالك مَن أصبحت معيشتهم مشكلة كبيرة جدًّا، إنْ خرجوا للعمل ربما يموتون بالإصابة، وإذا جلسوا في بيوتهم ربما يموتون من الجوع.

يجب أن تنظر إلى الأمور بهذا الانفتاح، وعليك أن تستغل وقتك وأنت داخل المنزل، نعم، هذا الوقت يمكن أن يُستغل، تأكل الكتب أكْلاً، اقرأ، اطلع، احفظ القرآن، مارس الرياضة داخل البيت، اجلس مع أسرتك، تدبّر، تأمَّل، اكتُب، كل هذا الوقت يمكن استغلاله استغلالاً جيدًا وممتازًا، وأنت رجلٌ تُصلّي -الحمد لله- وتذكر الله تعالى.

يجب ألَّا تأخذ الموضوع بهذه البشاعة، هذه مصيبة عامَّة، ليست فيها خصوصية أو شخصنة، لا، أمرها واقع على كل الناس، يجب أن تفكّر بهذه الكيفية، وتدعو الله أن يرفع هذا البلاء عنّا وعنكم وعن جميع العالم وعن المسلمين خاصَّةً.

فإذًا استغلال وقتك بصورة صحيحة هو الذي يفيدك. طريقة تغيير تفكيرك هي التي تفيدك، والذي يظهر لي أنه أصلاً لديك شيء من الهشاشة النفسية التي جعلتك قابلاً للقلق وللتوتر والمخاوف الوسواسية، خاصَّةً عندما تكون هنالك ظروف وأمور واقعة سلبية، فإذًا علاجك في المقام الأول ليس دوائيًا، سأصف لك دواءً، لكنّ العلاج يكون على المستوى السلوكي والفكري وتغيير المشاعر، نعم أعرفُ أنك رجلٌ رياضي ومُدرِّب رياضة الكرة، وقطعًا حُصر نشاطك، لكن انظر إلى غيرك حتى كِبار اللعبة في العالم (مِسّي، كرستيانو رونالدو) وسمِّي ما شئت، الآن كلُّهم في بيوتهم، نعم لديهم ظروف قد تكون أفضل في أنهم يمكن أن يتدرّبوا أن يعملوا داخل بيوتهم أو داخل قصورهم، لكن الأمر سِيان.

هذا هو الذي أودُّ أن أنصحك به، ولماذا لا تفكّر أن تكتب كتابًا عن كرة القدم، مثلاً، عن تجربتك الخاصة، عن التطور الرياضة في بلادك. اخرج بمشروع ممتاز في هذه الأيام، استغلّ هذا الزمن. كم من الناس استفادوا من هذا الحبس (الحظر/الحجر)، أعرفُ من حفظ القرآن الكريم وهو في السجن. فيمكنك أن تستفيد تمامًا من هذا الوضع، وهذا -إن شاء الله تعالى- يُغيّر كثيرًا من طريقة تفكيرك هذه.

تحتاج لدواء بسيط جدًّا، يُسمَّى تجاريًا (دوجماتيل) واسمه العلمي (سلبرايد)، وهو مُزيل للقلق الظرفي، تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة أسبوعين، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا حتى تنتهي هذه الجائحة وهذا الوباء والبلاء -بإذن الله تعالى-.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً