الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب الخوف من الموت أصبت بالوسواس في كل شيء، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

أنا فتاة، أبلغ من العمر 20 سنة، ولدي شخص عزيز عليّ، وأخاف كثيرا من موته، أو إصابته بمكروه، حتى أنني أصبحت أتخيل أنه قد مات، فأبكي وأصرخ، حتى أنني عندما أصلي أدعو الله، وأحس أن الله لم يستجب لدعائي، فينتابني إحساس أنه سيصيبه مكروه فعلا، وتبدأ أفكار أكرهها تدور في رأسي، وأبدأ باسترجاع الذكريات وأمور أكرهها، حتى أصابني الوسواس في كل شيء أقوم به أو أقوله، أريد حلا.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دنيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يذهب عنك كل ما يحزنك ويغمك، وابتداء نقول أيتها البنت العزيزة، فإن مما يبعث على الطمأنينة والسكينة في النفس أن يعلم الإنسان أن أعمارنا وأقدارنا قد كتبها الله سبحانه وتعالى قبل أن يخلق السماوات والأرض، فكل شيء قد فرغ منه وكتبه، فإذا آمن الإنسان بهذا اطمأن قلبه، وأيقن أن ما قدره الله تعالى سيكون، فلا يفيد الحذر، ولا التخوف من الموت سيؤخره، كما أن الموت لا يمكن أن يتقدم على الأجل الذي قدر الله تعالى، فأريحي نفسك من هذه الهموم، واعلمي أن كل نفس ستموت عند الأجل الذي قضاه الله سبحانه وتعالى.

ومما يدخل السرور على قلبك أن تسمعي هذا الحديث الذي قاله -النبي صلى الله عليه وسلم- لزوجته أمنا أم المؤمنين أم حبيبة -رضي الله تعالى عنها-، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سمعها وهي تدعو وتقول:" اللهم أمتعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد سألت الله لآجال مضروبة، وأيام معدودة، وأرزاق مقسومة، لن يعجل شيئاً قبل حله أو يؤخر شيئاً عن حله، ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار أو عذاب في القبر كان خيراً وأفضل". رواه الإمام مسلم.

في هذا الحديث بيان أن الأعمار مكتوبة مضروبة، وأن الأيام معدودة، فتخوف الواحد منا من الموت لا معنى له، فلا الحذر يغني من المقدور ويحمي منه، ولا الأجل سيتقدم على موعده، ثم أرشدها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الدعاء النافع الذي تثاب عليه، والذي هو عبادة، قال لها: لو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار أو عذاب في القبر كان خيراً وأفضل، فهذا النوع من الدعاء يثيب الله تعالى صاحبه لأن هذا النوع عبادة.

أما سؤال الله تعالى أن يطيل العمر:
فإنه وإن كان جائزاً لكنه ليس عبادة، النبي صلى الله عليه وسلم دلها على ما هو الخير وما هو الأفضل، واعلمي أنك إذا دعوت الله تعالى بقلب خاشع، مع يقين بأنه يجيب دعاء المضطر ودعاء السائل فإنه سبحانه وتعالى لن يخذلك ما دامت لا توجد موانع من إجابة دعائه، فإن الله تعالى يعطي السائل واحداً من أمور ثلاثة: إما أن يعجل له ما سأل، وإما أن يدخره له يوم القيامة، وإما أن يدفع عنه من المكروه والمصائب بمثل ما دعى به، ولكنه لا يشعر، لأن الله تعالى دفع عنه مصائب بسبب دعائه.

فنصيحتنا لك أن تحسني ظنك بالله تعالى، وأن تكثري من دعاء الله سبحانه متيقنة أن الله تعالى يجيب دعاءك، فإنه سبحانه وتعالى يستجيب للكفار إذا دعوه دعاء المضطرين، كما أخبرنا بذلك في كتابه الكريم، قال: ( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)، واستجاب دعوة إبليس حين قال: أنظرني -أي أخرني- قال: إنك من المنظرين.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا وإياك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً