الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أفعل مع صديقتي التي لا تصلي ولا تتحجب؟

السؤال

لدي صديقة غير متحجبة ولا تصلي، وأنا أنصحها وهي تقول: إن هذه مسألة بينها وبين الله؛ فماذا أفعل معها؟


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعاً رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

فإن الصلاة صلةٌ بين العبد وربه تبارك وتعالى، وهي كما قال عمر في رسالته لعمالة: (إن أهم أموركم عندي الصلاة فمن حافظ عليها فهو لما سواها أحفظ، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع) وهي العلامة الفارقة بين أهل الإيمان وغيرهم، قال صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة)، وقال صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) وهي الفريضة التي لا تسقط عن المسلم ما دامت به حياة، ولذلك صلى الصحابة وهم في الحروب وهم في جراهم، وهم مرضى، والمسلم يصلي قائماً فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فمستلقياً، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

وليس بين الله وبين أحد من عباده نسب إلا التقوى، والصلاة ميزانٌ للأعمال في الدنيا والآخرة، وكان السلف إذا أرادوا أن ينظروا في دين إنسانٍ معين نظروا في صلاته، فإن كان من أهلها المواظبين عليها ظنوا به الخير وأملوا فيه خيراً، والصلاة هي أول ما يُحاسب عليه الإنسان يوم القيامة، فإن صلحت صلح سائر عمله.

ولست أدري على أي أساسٍ بنيتِ صداقتك مع فتاةٍ لا تصلّي ولا ترتدي الحجاب؟!

وأرجو أن تعلمي أن كل صداقة ومحبة لا تؤسس على الصلاة والطاعة والتقوى تنقلب في الآخرة إلى عداوة، قال تعالى: (( الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ))[الزخرف:67]، ولذا أرجو أن تجتهدي في نصحها، فإن لم تستجب؛ فلا بد من فراقها طاعةً لله، واحرصي على مصادقة من تسجد لله وتحرص على طاعته.

والصلاة من شعائر الإسلام وأركانه الظاهرة التي لا يقبل من مسلم ولا مسلمة حتى يؤديها، ولذلك حتى أهل النفاق كانوا يوأدونها -لكنهم كانوا يأتونها وهم كسالى- لأنهم يعلمون أن تارك الصلاة يُقام عليه حكم الله بعد أن يُستتاب، ولم يعرف أهل الإسلام ترك الصلاة إلا بعد فترة الاستعمار البغيض، وقد أحسن من قال:

خسر الذي ترك الصلاة وخابا **** وأبى معاداً صادقاً وماباً
إن كان يجحدها فحسبك أنه *** أضحى بربك كــافراً مرتاباً
فالشــــافعي ومالك رأيا له **** إن لم يتب حـد الحسام عقاباً

وقال بلال بن سعد بن أبي وقال رضي الله عنه لأبية في قوله تعالى: (( فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ ))[الماعون:4-5] أهم الذين لا يصلون؟ قال: لا يا بني، لو تركوها لكفروا، ولكنهم الذين يؤخرونها عن وقتها.

وليس هذا العذر مقبول، وأرجو أن تتلطفي في نصحها، وتختاري الوقت المناسب والكلمات الرقيقة، واختاري مكاناً بعيداً عن سمع الناس وأبصارهم، وقدمي لها نصيحة مغلفة بالحب والشفقة، واختاري مدخلاً إلى نفسها، وذلك كأن تقولي لها: أنت مؤدبة ومتعاونة مع الزميلات، وهم يمدحونك، ولكن ما أحوج هذا الوجه الجميل إلى حجابٍ يستره، وما أحوج هذه القلب الطيب إلى إيمانٍ يعمره، وما أحوجك إلى سجود لله الذي تفضل عليك وأنعم عليك.

وأرجو أن يعاونك على نصحها من تحب من زميلاتها ومعلماتها، ولك شكرنا وتقديرنا على اهتمامك، وكثّر الله في فتياتنا من أمثالك.

نسأل الله لنا ولكم الهداية والثبات حتى الممات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً