الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا فتاة كبيرة وعلاقتي بأبي جافة، كيف أتعامل معه؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 30 سنة عاملة، والحمد لله، المشكلة علاقتي مع أبي جافة جداً، علماً أنه يبلغ من العمر 81 سنة، وهو بكامل قواه العقلية، والجسدية، ومادياً ميسور جدا.

أمقت تصرفاته المحرجة وهو شحيح من قبل ومنذ حوالي عامين أصبح تقريباً لا ينفق يسدد فقط فاتورة الكهرباء، وأنا وإخوتي ننفق على البيت، ويشترون لأبي كل ما لذ وطاب بالرغم من أنه يقول عليهم كلاماً لا أحتمل سماعه، ويتدخل في كل شيء أدق التفاصيل، من، كيف، أين، متى؟ وأنا لا أحتمل الإجابة على هذه الأسئلة التي في كثير من الأحيان لا تعنيه لكنه يحب أن يلم بكل شيء.

كلامي معه لا يتعدى تحية الصباح، الإجابة على أسئلته، والقيام بما أمرني به، وألوم نفسي على هذه العلاقة، لكن أفعاله وأقواله تستفزني.

هل أنا مذنبة؟ دائماً أقول: الله يسامحني منك يا أبي والله يسامحك مني، وأنت مسامح من عندي، ولكن أنا لا أريد التفريط برضاه.

عذراً على الإطالة ودعواتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ س ي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك أختي الكريمة، ونسأل الله أن يتولاكم بحفظه، والجواب على ما ذكرت:

مما أنصح به في التعامل مع الوالد ما يلي:

-ينبغي أن تؤكدي في نفسك أن البر والإحسان للوالد والرفق به ، ومهما كان لدى الوالد شحيحاً، فهو أبوك في النهاية، والتعامل معه بجفاء لا يؤدي إلى تغيير ما هو عليه، وأرجو مراعاة سنه فهو في سن الثمانين وهذه السن لها طبيعة أخرى.

-أكثروا من الدعاء للوالد في ظهر الغيب بأن يصلح الله حاله، وأن يحسن الله له الختام.

-اجتهدي أن تكوني قريبة أكثر من الوالد، وتتلمسي الأسباب التي جعلته يكثر من الأسئلة، فأنت أصبحت كبيرة، ويمكن أن يتقبل منك أي رأي، إذا جلست معه واستمعت له كثيرا.

-يحدث كثيراً في العائلات أن الأبناء لا يجلسون مع أبيهم الذي كبر في سنه، وهذا يؤدي إلى ردة فعل منه، بأن يختلق سبباً حتى يهتم به، وأبوكم لعلكم قصرتم في الجلوس معه، فمنع عنكم النفقة، وأيضاً أصبح يسأل عن أشياء لا يحتاج إلى السؤال عنها، ولهذا غيروا من سلوككم واجلسوا مع الوالد وكونوا قريبين منه، واستعموا كثيرا لما يحكيه عن نفسه في حال شبابه، وأظهروا الاستمتاع لما يقول، وأظن أنكم إذا فعلتم هذا يمكن أن حال الوالد يتغير.

-مسألة النفقة إن كان لديكم ما يكفيكم وإخوانك قائمون بها على ما يرام، لا أرى أي داع للتفكير بأن الوالد أصبح شحيحا، فلعله يريد أن يعودكم تحمل المسؤولية معه، ثم إن المال الذي سيبقى هو لكم في النهاية، سترثونه من الوالد.

-أحب أن أؤكد على المزيد من الصبر والتحمل، وعليكم الإجابة عما يسأل عنه الوالد إذا لم يكن في الإجابة مخالفة شرعية، وكلما أحسنتم الإجابة مع ابتسامة ورضا، سيؤدي إلى أنه يقلل منها، واحتسبوا الأجر عند الله تعالى ، ولا تجعلوا ما يحدث منه هماً يؤرقكم أو يؤثر على نفسيتكم.

أخيراً أؤكد على ضرورة البر بالوالد وحسن التعامل معه، ولا يصح أن يكون كلامك معه مجرد إلقاء التحية، فهذا نوع من الجفاء وهو من العقوق، فتوبي إلى الله من هذا، وعليك من الآن فصاعدا أن تسألي عن الوالد وعن صحته ، وتقبلين رأسه، وتدلكين رجليه، وتجلسي معه، ولا تنصرفي إلا بإذن منه، وهكذا أيضا إخوانك الآخرين يفعلون مثل هذا.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً