الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتصرف مع خاطب لا يتخذ خطوات جادة للزواج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 33 عاما، والدي متوفي، تقدم لخطبتي قريب زوجة عمي، لم نرى بعضنا إلا من خلال الصور، فهو في دولة أخرى، لذلك نتراسل للتعارف برسائل محدودة، وفي حدود الدين والاحترام، وبموافقة ومعرفة أمي، ولم نتحدث مكالمة هاتفية سوى مرة واحدة، حيث تقدم لي خاطب آخر، فعلم بالأمر واتصل ليعرف رأيي.

المشكلة أنه حتى الآن لم يكلم أخي أو أحد أعمامي ولم يطلب يدي، علما أن أخي معه في نفس الدولة ولكن في مدينة أخرى، وحتى أنا لم يحدثني بموضوع الزواج مباشرة سوى تلك المرة عندما تقدم لي شخص آخر.

أنا متفهمة أنه بسبب الظروف لا يعلم متى يستطيع أن يأتي هنا حتى يتمم الزواج، لكن أخي متفهم جدا ويقدر الظروف، ولن يطالبه بتحديد وقت معين.

أما المشكلة الثانية: أني لا أريد أن أتزوج زواجا باردا بدون أن تكون هنالك علاقة طيبة بيني وبين من سيكون زوجي، وأنا لا أقصد الكلام الرومانسي أبدا، فمثلا طلبت منه مرة أن يدعو لوالدي وكنت حزينة جدا، لكنه لم يتفاعل، واليوم علمت بأن خالتي مشتبه بها بمرض الكورونا وأمي كانت معها في المستشفى، فأخبرته بقلقي عليهما، وأن يدعو لهما، لكنه لم يرد على رسائلي، علما أنه قرأ الرسائل ومع أنه متصل في whats app حتى وقت متأخر جدا، فندمت لأني أرسلت له.

ماذا أفعل؟ أريد أن أخبره بأن لدي هذه التحفظات، لكن لا أدري كيف أخبره، وأيضا أفكر بأن أتركه لكني مترددة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك ومرحبا بك - أختي العزيزة -، أسأل الله أن يرزقك التوفيق والسداد والزوج الصالح والحياة الطيبة.

- أشكر لك حرصك على التزام حكم الشرع في عدم التوسع في الكلام مع خطيبك، والاكتفاء بتواصلكما - كما ذكرت - عبر الرسائل في حدود الدين والاحترام وشريطة إذن الوالدة وإطلاعها، رحم الله والدك وأسكنه الجنة.

- وأما بصدد كون الخاطب لم يتقدم لطلب يدك حتى الآن؛ وذلك لاحتمال حالة الوباء التي عمت البلدان سلمنا الله جميعا ، ففي رأيي أن هذا العذر وإن كان له بعض الاعتبار لعدم إمكانية السفر وتغير الظروف، إلا أنه لا يمنع من تكليف من يصارحه بهذا الشأن في التأكد من استمرار رغبته بالزواج منك لتطمينك وعدم عرقلة زواجك فيما لو كان احتمال بتردده أو تراجعه عن الزواج، فإن أبدى إصراره ورغبته بالزواج وكان محل ثقة لاسيما مع قرابته، فلا مبرر للخوف أو فرض موعد للزواج للعذر المذكور، فالمصارحة مهمة، حيث لا بد مما ليس منه بد، ومالا مفر منه فلا نفر منه.

- وأما عن الجانب الرومانسي وعدم تجاوبه في الدعاء لخالتك وأمك سلمهما الله من كل سوء ومكروه ، فيحتمل غلبة الحياء عليه، إلا أنه لزوال الشك لديك، فيمكنك بل يلزمك الاطمئنان بالسؤال عن صفاته التي تهمك في دينه وخلقه وعاطفته ونحوها، كما يمكنك التأكد - كما سبق - من بقاء رغبته في الزواج بك، وبناء عليه فيمكنك الحكم والتقرير بأمر إمضاء الزواج والصبر عليه وانتظاره من عدمه.

- أقول ما ذكرت من باب طلب الطمأنينة لك والاحتياط، وإلا فلا يوجد دليل صريح على الترك للزواج من جهته أو ضرورة الترك له من جهتك، والله أعلم.

- أوصيك بلزوم الصبر والذكر والطاعات وقراءة القرآن {‏‏وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا‏}.

- لزوم حسن الظن بالله والاستعانة به والتوكل عليه، وتعزيز الثقة بالنفس، وقد صح عند مسلم في صحيحه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:( المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان).

- كما وأوصيك في كل شؤونك وأحوالك في السراء والضراء بالرضا بأمر الله وحكمه وأقداره، واليقين بأن مقاديره جل جلاله تجري وفق مشيئته سبحانه وتعالى المطلقة، وأن مشيئته سبحانه تكون وفق كمال علمه وحكمته (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا).

- ولا أفضل وأجمل في تحصيل العون الإلهي، وطرد الوساوس الشيطانية والضغوط النفسية، من اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء والاستخارة، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ).

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً