الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي استفهامات كثيرة حول علاقتي بصديقتي، أرجو الإفادة.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة تحب الحياة كثيراً وتحب العمل، -ولله الحمد- أسأل الله أن يوفقني دائماً لما يحب و يرضى.

بدأت قصتي عندما جئنا إلى دولة أوروبية منذ 4 سنوات ونصف، تعلمت وتكلمت لغتها ساعيةً للحصول على مقعد في الجامعة، تعبت ودرست ليل نهار طيلة 3 سنوات لم أترك لنفسي وقت فراغ، عملتُ قبل الجامعة لانتظاري بداية الفصل والآن أنا طالبة.

تعرفتُ على صديقة أحببتها في الله محبة عظيمة لكنها للأسف فاشلة، كنت أعدها أختي، لم أقصر يوماً في مساعدتها، لم أكن أذكر هذا ولم أقارن أبداً، إلى أن فتحَ الله عليّ وأحسستُ منها الغيرة على ما أملك، لم أفعل شيئا لتغار. كل ذلك كان بفضل الله علي ثم بتعبي، ومع هذا تغيرتْ عندما نجحت في حياتي.

تقلدني في لبسي وأفعالي، تريد دائماً كل شيء لها، وعندما تصاب بأذى تريد أن أصاب أيضاً، لا تريد أحد أفضل منها، وتريد أن تسيطر في أي علاقة، لقد كرّهتني في الأصدقاء ولم أعد أريد أن أكون اجتماعية، ولم أعد أحب الحياة والناس بسبب الأذى النفسي الذي لقيته منها، تظهر مالا تبطن.

تعرفتُ إلى شاب سيء، وكان رأيها أن أتابع الحديث معه بعدما قطعتُ علاقتي به، لا أحبها ولا أريدها لكنني لا أستطيع قطعها بسبب العشرة التي لا تهون، وليس لدي غيرها فهي أفضل ما وجدت.

ساءت حالتي النفسية ولا أرغب في شيء، ولم أعد أكد في الدراسة، تعبت من كل شيء، أفكر فيها كثيراً وبتفكيرها عني وتقليدها لي، وأتساءل لماذا أصبحت هكذا مع أنها لم تلق مني إلا الجيد؟

ساعدوني أنا متعبة وفي حيرة.

شكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

أهلا وسهلاً بك -ابنتي الكريمة-، أعاننا الله وييسر لك حل مشكلتك.

بنيتي يجب ان تعلمي أنه لا يوجد إنسان خال من العيوب تلك هي القاعدة التي لا خلاف عليها لكن من بعض تلك العيوب وأنت فتاة ناجحة وذلك يجعلك محطّ أنظار الكثير ممّن حولك، والذين يقارنون أنفسهم بك، ويتمنون لو أنّهم يأخذون مكانك في النجاح، فالغيرة من المشاعر الطبيعيّة التي يشعر بها النّاس تجاه الإنسان الناجح والمتفوّق، فمن طبيعة البشر تمني الأفضل لأنفسهم والمقارنة في النجاحات.

ومما لا شك فيه أن الغيرة على حياة الناس له قوة سلبية تدمر العلاقات بين الناس وتهدم سبل النجاح والتميز، وكونك لا تريدين قطع العلاقات معها، ولا يمكنك التوقف عن التواصل في المستقبل القريب، فهذا يعني أن صديقتك تتمتع ببعض الجوانب والصفات الإيجابية، وقد يكون سبب تغيرها بأنك أنت سببت لها بعض المشاعر السلبية وحتما دون أن تقصدي.

قومي بمراجعةٍ ذاتية فقد يكون قد صدر منك من دون قصد بعض الأمور التي جعلت غيرتها تتأجج، فربما التحدث عن تفاصيل نجاحاتك قد قوى لديها مشاعر الغيرة، لذلك أنصحك بأن تتجنبي التحدث عن نجاحاتك، أو بالأحرى عدم الإفصاح عن كل التفاصيل والمعلومات التي تتعلق بنجاحك.

خففي علاقتك بها دون أن تقطعيها -اعملي على تقوية ثقتك بنفسك ولا تربطي حياتك بأي إنسان-، حيث أن أي تغيّر في مشاعر هذا الإنسان أو مواقفه ستهز حياتك.

اشغلي وقتَك بالأمور النافعة والمفيدة؛ كأن تشاركي عائلتك وقتهم أكثر، وأن تُمارسي الرياضةَ والقراءة، وأن تشاركي بالأنشطة الجماعية حيث ستتعرفين هناك على صديقات كثر وجدد.

أرى أنك إنسانة عاطفية جداً وحساسة مما قد يفقدك ذلك بعضا من الإتزان الانفعالي، وكونك عاطفية وحساسة ليس يعني ذلك أن هذا أمر سلبي بالعكس ولكن -يا ابنتي- في هذه الحياة وحتى نعيش في الواقع علينا أن نبتعد عن المبالغة في حساسيتنا وعاطفتنا، حتى نستطيع أن نتعامل مع الواقع الذي نعيشه، واتخاذ الأحكام الصحيحة.

وكما ملأت صاحبتك صندوق الصداقة أول مرة ستجدين من يملأ هذا الصندوق لاحقًا فابقي طبيعية معها ومع غيرها، وعيشي مرحلة الصداقات بهدوء وطمأنينة، وبدون إثارة لمشاعر الغيرة، واستمتعي بوقت الصداقة، وتعلمي وافرحي بوقتك ولا تقضيه في المجادلات والخلافات؛ لأن الوقت الذي يمر لا يعوض.

ومن وصايا الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- وصيته -لابن عباس- حيث قال له : يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تُجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف.

أخيراً وخير ما أوصيك به غاليتي هو أن تحافظي على الطاعات من صلاة وصوم وتلاوة للقرآن الكريم؛ فهذه الأمور لحفظ النفس من العين والحسد ورضى الله علينا يساعدنا على تخطي تحديات وصعوبات الحياة.

وفقك الله يا سلمى، وحماك من كل سوء، ورفع قدرك، وأعز شأنك، وأسعدك في الدارين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً