الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر أن عيني هي السبب في وفاة المرأة، فهل أنا قاتل؟

السؤال

السلام عليكم.

أتمنى قراءة السؤال؛ لأنني لم أرسل السؤال لكم كاملا في المرة السابقة، السؤال هو: امراة جارة لي قبل وفاتها كنت أجلس معها، وأقول في نفسي بدون أن أحرك فمي بكلمة واحدة لقد عاشت كثيرا هذا يكفي، وأتعجب من عمرها الطويل، وأقول كذلك لقد دخلت هذه السنة الجديدة ولا تزال هذه المرأة معنا، وأظن أنها كانت تأتيني أفكار تقول لي: لا تفعل ذلك قد تموت المرأة، ولا أعرف هل كنت سأستمر رغم ذلك في تلك الأفكار أم أتوقف؟

وقبل يومين من وفاتها أخبرني حفيدها أنها مرضت وتماثلت للشفاء، وفي فتلك اللحظة قلت في نفسي بدون أن أفتح فمي بكلمة كلاما مضمونه لن يحدث لتلك المرأة شيء مع شعور بالفخر والعين، وقد أخبروني في موقع الإفتاء أنني موسوس، وأنه يجب علي عدم الالتفات لمثل هذه الأفكار، إلا أنني نسيت أن أخبر المفتيين أنه قبل ذلك الحديث الذي أخبرني به الحفيد في أحد الأيام مررت بسرعة أمام تلك المرأة وكنت فرحا لسبب ما، ونظرت للمرأة وقلت في نفسي أثناء مروري بسرعة ما زالت المرأة تعيش معنا إلى الآن، مع شعور بتمني الموت لها، وبسبب فرحي لم أنفي في نفسي شعور تمني موت المرأة، وتقول لي نفسي إنه بسبب ذلك مرضت المرأة، وجراء تبعات مرضها توفت.

علما بأنني لست متأكدا هل مرضت المرأة مباشرة بعد هذا الكلام؟ وهل هذا الكلام وقع حقا في نفس يوم بداية مرض تلك المرأة؟ لم أعد أتذكر جيدا، أحيانا يغلب على ظني إن ذلك وقع بالفعل في يوم بداية المرض للمرأة وأحيانا العكس، فهل أنا قاتل؟ أنا خائف جدا، ضميري يؤنبني على أنني قاتل، أعيش في دوامة الخوف والهلع منذ سنوات، وكنت سابقا أفكر في الانتحار، فهل أنا قاتل؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.. وبارك الله فيك وجزاك الله خيراً، أخي بالتأكيد الأفكار التي كانت تأتيك حيال هذه المرأة، أن عمرها طويل هذا وسواس ولا شك في ذلك، والوسواس قد استدرجك وتماديت فيه وهذا طبيعة الوساوس الخبيثة، فأرجو أن تطمئن من هذه الناحية، والإنسان أيها الفاضل الكريم لا يحاسب على خواطره ولا يحاسب على أفكاره، إنما يحاسب على أفعاله.

أما فيما يتعلق بموضوع العين فالعين حق، وأنا سوف أحولك إن شاء الله مرة أخرى للمشايخ ليفيدوك حول هذا الأمر، ولكن أبشرك حتى وإن فسرت أن الأمر قد وقعت عليها العين، فالاستغفار، الاستغفار باب مفتوح: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)، لكن أيها الفاضل الكريم مهما كان وحتى إن كانت هنالك عين هذا أجلها، هذا يومها، هذا ما هو مكتوب لها قبل ولادتها، فأنا لا أحب أن أطمئنك من فراغ أحب أن أملكك الحقائق العلمية، لكنك قطعاً تعاني من وسواس، وأنت الآن دخلت في شيء من الاكتئاب الثانوي، لأنك تحس بالذنب، أصبحت متردداً هذه الأفكار أصبحت تنازعك، فأنا أنصحك بالذهاب لطبيب نفسي، ومقابلته ليكتب لك أحد الأدوية المضادة لقلق التوتر والوسواس، أي دواء سوف يفيدك كثيراً في هذا السياق، ومن أفضل الأدوية التي يمكن أن تفيدك عقار يسمى فافرين واسمه العلمي فلوفكسمين، جرعته هي أن تبدأ بـ 50 مليجرام ليلاً لمدة أسبوع، ثم تجعلها 100 مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم 200 مليجرام ليلاً لمدة شهرين ثم تخفضها إلى 100 مليجرام ليلاً لمدة شهراً ثم 50 مليجرام ليلاً لمدة شهراً آخر، ثم 50 مليجرام يوم بعد يوم لمدة شهراً ثم تتوقف عن تناول الدواء، الدواء سليم، الدواء ممتاز جداً وسوف يساعدك كثيراً.

فإذاً أيها الفاضل الكريم تغاضى تماماً عن هذا الفكر، وأكثر من الاستغفار، واسأل الله تعالى لهذه المرأة أن يرحمها الله تعالى، استغربت جداً لكلامك في سؤالك هل أنت قاتل؟ ما علاقة هذا الأمر بالقتل أيها الفاضل الكريم، تقصد أن العين هي التي هوة بها إلى قبرها، هذا أعتقد وسوسه وليس أكثر من ذلك، وذكرت أنك سابقاً قد فكرت في الانتحار هذا أيضاً سلوك سيء لا شك في ذلك، وفكر خبيث، لكن الحمد لله تعالى أن الله قد صرفه عنك.. بارك الله فيك وجزاك الله خيراً..
وسوف أحيل استشارتك لأحد المشايخ بالشبكة الإسلامية ليفيدك حول هذا الأمر.

---------------------------------------------------------------------------------
انتهت إجابة د/ محمد عبد العليم.........استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي............مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
---------------------------------------------------------------------------------

مرحبًا بك – أيها الولد الحبيب – في استشارات إسلام ويب.

قد أفادك الدكتور محمد عبد العليم بما فيه النفع الكثير، ومن الناحية الشرعية – أيها الحبيب – نقول: واضحٌ جدًّا من كلامك أنك مُصابٌ بالوسوسة، وقد أخبرك بعض المُفتين – بحسب ما قلتَ – بهذه الحقيقة من قبل، وهذا ما أكده أيضًا الدكتور محمد في جوابه لك، وهذه الوسوسة – أيها الحبيب – داء ومرض سيُذهبه الله تعالى عنك بإذنه ومشيئته، وأنت مطلوب منك أن تأخذ بالأسباب، فالتداوي والأخذ بالأسباب الحسّية مفيدٌ ونافع كما أرشدك إلى ذلك الدكتور محمد.

وأمَّا من الناحية الشرعية فالدواء هو أن تُعرض عن هذه الوساوس وتجاهلها تمامًا، ولا تبني عليها أحكامًا، ولا تُأنب نفسك لأنك وقعت في معصية وأنك أصبت هذه المرأة بالعين، فالموسوس – أيها الحبيب – لا يُؤاخذ بما تُمليه عليه وسوسته، والعلماء يعتبرونه كالمُكره، ويُشبِّهون تصرفاته بتصرفات مَن لا يُريد التصرّف ومَن لا يقصد التصرف.

ولهذا أنت لست مؤاخذًا بما يدور في نفسك من هذه الوساوس، فإذا أردتَّ أن يُذهبها الله تعالى عنك ويزيلها عنك فتجاهلها واشتغل بغيرها، وأكثر من الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم وقراءة المعوذتين، وداوم على ذكر الله تعالى، واملأ أوقات فراغك بما ينفعك من أمور الدين أو الدنيا، وستجد أن هذا الداء وأن هذه الوساوس تزول عنك شيئًا فشيئًا بإذن الله تعالى.

نسأل الله أن يُقدر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً