الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب الوسواس أصبحت خائفة على ديني من الضياع.

السؤال

السلام عليكم

منذ عام لا أعلم كيف بدأ الوسواس حول وجود الله عز وجل، وكانت هذه فترة عصيبة جدا، كنت أختنق، وعندما أقرأ أو أسمع آية من القرآن عن الكافرين ترتجف أوصالي، أو عن المؤمنين، ولكن هذه الفترة انتهت، وأصبحت إنسانة جيدة تقريبا في علاقتي بالله جدا.

بعد عام من هذا عاد الوسواس مرة أخرى بصورة أشد وأدهى ولا أستطيع إيقافه، ودام شهرا، في هذه الفترة تجرعت الخوف الرهيب والوحدة، وشعرت أن عقلي لا يعمل، وكل الأسباب المنطقية مشيرة إلى الله، ولكن هذه الوسوسة تضيق صدري.

تعبت جداً، وأخاف أن أستسلم لهذه الأفكار، أنا أختنق حرفيا، ولا أستطيع فعل أي شيء.

أرجو المساعدة؛ فأنا أموت كل يوم ١٠٠ مرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رضاك يا رب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الوسواس في الأمور الدينية من أنواع الوسواس القهري المنتشرة، وبالذات في سِنّ المراهقة، وطبعًا هو وسواس مُتعب، ويجعل الشخص يتوتر ويعاني معاناة كبيرة، وإن شاء الله لن تستسلمي لها، ولكنّها تُتعبك وتزيد في القلق والضيق والتوتر.

العلاج: إمَّا أن يكون علاجًا دوائيًا، أو علاجًا نفسيًّا، سلوكيًّا معرفيًّا.

من العلاجات الدوائية الفعالة – بالذات في مثل سِنّك – هو الـ (فلوكستين/بروزاك/فلوزاك) عشرين مليجرامًا، حبة أو كبسولة يوميًا بعد الإفطار – عادة يأتي في شكل كبسولات – واستمري في تناولها حتى تذهب هذه الوساوس والأفكار، واستمري عليها حتى بعد ذهاب هذه الأعراض لفترة لا تقل عن ستة أشهر، حتى لا تعود الأعراض، ثم بعد ذلك يمكنك أن توقفي الدواء بدون تدرّج.

هناك طبعًا أشياء يمكن فعلها مثل تجاهل هذه الأفكار، أو كلَّما جاءت هذه الأفكار تحاولي التفكير في أشياء أخرى، وحاولي ألَّا تكوني وحدك، لأنها دائمًا تأتي عندما يكون الشخص وحده. مارسي الرياضة والاسترخاء.

حاولي التواصل مع صديقاتك عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تنسي المحافظة على الصلاة والنوافل وقراءة القرآن، والحرص على الأذكار – خاصة أذكار الصباح والمساء والنوم والاستيقاظ، واحرصي على الدعاء، فكل هذه أمور تؤدي إلى الطمأنينة والسكينة والاسترخاء والراحة.

استمري في العلاج الدوائي، واحرصي على تطبيق ما ذكرنا لك من إرشاد، وبإذن الله تزول هذه الوساوس وترجعي طبيعيّة كما كنت.

وفقك الله وسدد خطاك.
__________
انتهت إجابة الدكتور/ عبد العزيز أحمد عمر -استشاري الطب النفسي وطب الإدمان
وتليها إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
__________

مرحبًا بك – ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يصرف عنك هذه الوساوس ويُذهب عنك كل سوء.

قد أفادك الأخ الفاضل الدكتور/ عبد العزيز بما يفيدك إن شاء الله من الناحية النفسية ومن الناحية الدوائية، ونضيف من الناحية الشرعية – أيتها البنت الكريمة – الوصايا الشرعية الآتية:

أولاً: اعلمي أنك على الإسلام وإيمانك، وأن هذه الوساوس لن تضرك ما دمت تكرهينها وتنفرين منها، فإن خوفك منها وقلق بسببها وعدم رضاك بها يدل على وجود الإيمان في قلبك، وقد شكى بعض الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه يجد في صدره ما يخاف من البوح به والتكلّم به ويكره أن يتكلّم به، ويُفضّل أن يُحرق بالنار حتى يصير (حممة) يعني (فحمًا)، يفضّل ذلك على أن يتكلّم بما يجده في صدره، فلمَّا سمع النبي صلى الله عليه وسلم وصفه لهذا الحال قال له: (ذاك صريح الإيمان)، والحديث في صحيح مسلم وغيره.

إذًا وجود الخوف والقلق والكراهية هذه الوساوس والنفور منها دليل على وجود الإيمان في القلب، فلا تجتمع هذه الوساوس مع الإيمان، ولكنّك في الوقت نفسه مطالبة بأخذ الأسباب التي تُخلِّصُك من هذه الوساوس، وهذه هي الوصية الثانية: أن تكوني جادة في الأخذ بالأسباب التي تُخلِّصُك من هذه الوسوسة، وهذه الأسباب منها ما هو ماديٌّ حِسِّيٌ، وقد أشار إليك الدكتور عبد العزيز بما ينفعك في هذا الجانب، ومنها ما هو معنويٌ، أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الصحيحة، ويتخلص ذلك في أمور ثلاثة:

أولها: أن تلجئي إلى الله تعالى إذا هاجمتك هذه الوساوس، فتستعيذي به سبحانه، وهذا ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث (فليستعذ بالله)، وأكثري من قراءة سورة الفلق، وسورة الناس.

ثانيًا: الإكثار من ذكر الله تعالى على الدوام، ولا سيما أذكار اليوم والليلة، كأذكار الصباح والمساء والنوم والاستيقاظ والأذكار بعد الصلوات - وغيرُ ذلك من الأذكار التي تملأ ساعات اليوم والليلة - فإن ذكر الله تعالى يطرد الشيطان عن الإنسان، وهو حصنٌ حصين له، كما دلَّ على ذلك الحديث.

ثالثًا: الانصراف عن هذه الوساوس وعدم الاشتغال بها عندما تطرأ عليك، فإذا هاجمتك الوساوس فانصرفي عنها إلى أي شيء ينفعك من أمر الدين والدنيا، وهذا ما أرشد إليه النبي صلى الله بقوله: (ولينتهِ)، املئي وقتك بالأشياء النافعة، بأشياء مباحة لا إثم فيها، وهذه الأيام الأدوات التي بين أيدينا تملأ على الإنسان وقته كلّه لو استعملها.

فإذًا لا خوف عليك من هذه الوساوس إذا أنت أخذت بهذا الطريق، وجاهدت نفسك عليه.

نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يُخلِّصك من كل شر.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً