الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتعامل مع ابنتي ذات الثلاث سنوات؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي استشارة تخص ابنتي، بداية رزقني الله إياها بعد ست سنوات من الزواج فهي الآن بعمر الثلاث سنوات، لكنها تربت بعيدة عني؛ حيث كنت أعمل في فترة سنتها الأولى وبعدها توقفت عن العمل، وبالتأكيد تأثرت كثيرا بهذا الوضع، فلم أكن أنا الوحيدة التي أقوم بتوجيهها أو تعليمها، ولكن الحمد لله أن أسرة والدها أسرة فاضلة تحبها وهذا الشيء أثر عليها كثيرا بعد انفصال أهل زوجي من منزلنا، فأصبحت معها بشكل متواصل، ولكن للأسف لديها تصرفات موجودة لدى الأطفال بشكل عام لكنها زائدة: كالعصبية، والغضب الشديد، والعناد، وأيضا تقوم بقرصي في يدي حتى تنام، والآن أصبحت تضربني.

تحب وتخاف من والدها وللأسف أنا أقوم بضربها وخاصة في الفترة الأخيرة أعتقد خلال 5 الأشهر الفائتة، وازداد الضرب أيضا في وقت الحظر؛ لأنه ليس لديها منفذ للخروج للألعاب.... إلخ.

أنا حزينة جداً على حالها؛ لأنني استخدمت معها عدة أساليب كالعقاب بالجلوس في مكان واحد، حرمانها من الألعاب أو من أي شيء تريده، ولا أتحدث معها لفترة بسيطة حتى تأتي وتعتذر لي، شخصيتها ضعفت يعني تخيل أنها طفلة مرحة وتحب الضحك ولكن عصبية جدا وتضرب، لدي الكثير ولكن هذا هو أهم ما يحدث لي معها، أكتب لكم هذه الاستشارة لعلي أستطيع أن أجد لها حلا قبل أن تضعف شخصيتها وأكون أنا السبب.

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ عهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يقرَّ أعينكم بصلاح هذه الطفلة، وأن يُلهمها السداد والرشاد، وأن يُحقق لكم السعادة والآمال.

لا شك أن هذه المرحلة العمرية تحتاج إلى فهم خصائصها، وحُسن التعامل مع هذه الطفلة، ولا تنزعجي من عنادها لأنها في مرحلة العناد، وما يحصل منها طبيعي، بل هو أكثر من طبيعي، ولكنَّ المعالجات الخاطئة هي التي تُعقّد مثل هذه السلوكيات ومثل هذه الأمور.

نقترح عليك ونطالبك بـ:
1. الدعاء لهذه الطفلة.
2. اللعب معها وإعطائها مزيدًا من الوقت والمشاركة.
3. التوقف تمامًا عن الضرب، بل عن الصراخ، وعن الزجر.
4. إعطائها فرصة من أجل أن تلعب، ولا تتضايقي من لعبها.
5. توحيد مواعيد نومها وصحْوِها مع مواعيد نومك وصحوك، حتى تستطيعي أن تكوني معها.
6. الاجتهاد في ربطها مع والدها ومشاركته في اللعب حتى يزيل ما في نفسها من خوف، ليبقى بعد ذلك الحب للأب.
7. الاجتهاد في تصحيح بعض الأشياء التي اكتسبتها في مرحلة وجودها مع الأسرة الكبيرة، وقطعًا وجودها مع الأسرة الكبيرة له إيجابيات، ولأنه سيشترك أكثر من واحد فستكون هناك بعض الأمور التي تحتاج إلى شيء من التوضيح وشيء من التصحيح.

نؤكد لك أن تدارك هذا الخلل ممكن، ونكرر دعوتنا لك وتحذيرنا لك من مجرد زجرها، أو ضربها، أو تخويفها؛ لأن هذه الأمور تترك عليها آثاراً سالبة في النفس في مستقبل حياتها.

وإذا تعيّنت عقوبة مثل الحبس أو عدم الكلام فينبغي أن يكون بمقدار قليل، يعني: عمرها ثلاث سنوات ما ينبغي أن تُحجز أو تُحرم أكثر من ثلاث دقائق، وهذا المعنى أرجو أن يكون واضحًا.

إن حركة الأطفال ولعبهم ومرحهم هذا دليل إن شاء الله على نبوغهم، وكونها كثيرة الحركة لأنها تُعتبر مسجونة وليس هناك من يتكلّم معها، والكلام معها له دور كبير جدًّا، واللعب معها، لأنها تحتاج أن تعوّض عن ذلك البيت الذي كان مليئًا بالناس؛ الآن أعتقد أنها معك معظم الوقت، وبقية الوقت يحضر الأب، وهي تخاف منه – كما أشرتِ – هذه الصورة لابد أن تُصحح، ولابد أن نوفّر لها - حتى في أيام الحجر المنزلي - فرصا واسعة في اللعب وفي الوقت المخصص لها، لا أقول منعها من اللعب، بل ينبغي أن تُشاركوها في اللعب، وتلعبوا معها، وتتكلّموا معها، وتتحدثوا معها، ووسط هذا اللعب تُحفّظوها بعض الأذكار، وبعض الآيات، وبعض الأشياء الأساسية في الإسلام، على طريقة التكرار، والمشاركة في التعليم... هذه أمور في غاية الأهمية.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الصبر، ونؤكد أن الطفلة طبيعية، وما يحصل منها مراحل طبيعية، ومسْكها لليد أو قرص اليد بالطريقة المذكورة دليل على أنها تحتاج إلى دعم معنوي، إلى تواصل جسدي، دليل على أنها تشعر ببعض الضيق الذي ينتج من تصرفاتكم والتضيق عليها، ونحن لا نؤيد هذا، فأرجو ألَّا تنزعجي لهذه الصورة، ولكن نقترح عليك قبل النوم أن تُداعبيها، وتمسحي شعرها، وتحكي لها قصة، ولا مانع من أن تضعي في يدها شيئا تُحبُّه عندما تنام، حتى تنشغل به عن إلحاق الأذى بك والإضرار بك.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، ونسعد بالتواصل والمتابعة من أجل صحة هذه البُنيّة، ونسأل الله أن يُصلح لنا ولكم النيّة والذريّة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً