الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لماذا ينتابني شعور الكبر والبطش عند سماعي للموسيقى الحماسية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أشكو من عدم توفيقي في الحياة والعمل وفي كل شيء، أشعر أن الله قد أغلق بوجهي كل الأبواب؛ لأني أعلم أن ذنوبي كثيرة، ولكن أدعو الله أن يغفر لي ذنوبي، فمشكلتي أني أستمع للموسيقى الحماسية، فأشعر بداخلي كبر لا أعلم سببه؟ أشعر أنني أبطش في البشر، وأن لدي أموالا كثيرة، وأني أبطش وأضرب كل من آذاني أو ضرني، أو كان سببا في مشكلة، أو أني أنتقم منهم، فلهذا السبب أنا فاشل في هذه الحياة، بينما أنا في الحقيقة لست كذلك، وليس لدي أي من هذا الكبر والبطش، ولكن ينتابني هذا الشعور عند السماع لتلك لموسيقى، فهل هذا سبب فشلي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد القادر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – أيها الولد الحبيب – في استشارات إسلام ويب.

ما أنت فيه – أيها الحبيب – من ضيق الحال وانغلاق أبواب الأرزاق أمامك لا شك أن من أعظم أسبابه الوقوع في معاصي الله تعالى، فقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن ماجه: ((وإن العبد ليُحرم الرزق بالذنب يُصيبُه، وما نزل بلاء إلَّا بذنب، ولا رُفع إلَّا بتوبة)).

فمن أسباب الأرزاق تقوى الله تعالى، كما قال سبحانه في كتابه الكريم: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا * ويرزقه من حيث لا يحتسب}، ومن أسباب سِعة الرزق كثرة الاستغفار، كما قال سبحانه: {فقلتُ استغفروا ربكم إنه كان غفَّارًا * يُرسل السماء عليكم مدارًا * ويُمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا}، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدًّا.

فإذا أردتَّ أن تحيا حياة هانئة طيبة سعيدة فجاهد نفسك لترك هذه الذنوب والمعاصي، وتُب إلى الله سبحانه وتعالى، وباب التوبة مفتوح، وستجد ربَّك غفورًا رحيمًا، وكما قال الشاعر:
إذا كنت قد أوحشتَك الذنوب ... فدعها إذا شئتَ واستأنسِ

فالأنس والراحة والسعادة والطمأنينة في طاعة الله تعالى، والعيش في ظلال شرعه، واتباع رسوله.

وأمَّا ما تجده من نشوة وشعور بالخيلاء والكِبر والفخر عند سماعك للمعازف والأغاني وآلات اللهو فهذا فيما يبدو لنا شيءٌ طبيعيٌّ، وثمرة طبيعية لهذا الباطل، فإن هذا الصوت – صوت المعازف وآلات اللهو – صوت الشيطان، والشيطان يدعو إلى هذا كُلِّه، ويتلاعب بهذا الإنسان، فيدعه يعيش في أماني باطلة، ويتخيّل ما لا حقيقة له، وهو نوعٌ من السُّكر في الحقيقة، ليس سُكرًا بالخمر ولكنّه سُكر بنوعٍ آخر يُؤثّر في نفس هذا الإنسان وتجعله يعيش أنواعًا من الأماني والأحلام حال اليقظة.

يقول ابن القيم – رحمه الله تعالى – في كلامه عن سماع الأغاني والمعازف، يقول: "هذا السماع الشيطاني له في الشرع بضعة عشر اسمًا"، وذلك من جملة هذه الأسماء أنه (رُقيةُ الزنى)، ومن جملة الأسماء (قُرآن الشيطان)، ومن جملة الأسماء (الصوت الأحمق والصوت الفاجر، وصوت الشيطان) إلى غير ذلك من الأسماء التي تدلُّ على أوصافه وحقيقة ما يفعله في هذا الإنسان، وكما قال الشاعر:
أسماؤه دلَّت على أوصافه ... تبًّا لهذه الأسماء والأوصاف

فهذا – أيها الحبيب – سبيل التخلص منه، أن تتوب إلى الله تعالى، وتُجاهد نفسك على تجنّب سماع هذا المحرّم، وستجد نفسك بإذن الله تعالى في عافية من كل ما تشتكيه.

نسأل الله أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً