الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الوحدة والاحتياج العاطفي لانشغال زوجي الدائم، أفيدوني.

السؤال

السلام عليكم

أنا سيدة متزوجة منذ 7 سنوات من طبيب صيدلاني ولدينا طفلان -الحمد لله-، مررنا بخلافات كثيرة في بداية الزواج تتعلق باختلاف الطباع والشخصيات، وطريقة التربية والتفكير لكن -بفضل الله- بعد مرور هذه السنوات خفت خلافات كثيرة، لكن لم تختف مشكلتي التي لم تخف حدتها، ولم أستطع التكيف معها أبدا وهي انشغال زوجي التام عني، وإهماله الكبير لمشاعري.

حاولت كثيرا التكيف والتحمل، لكن لا يزداد الأمر إلا سوءا لدرجة أنني أشعر أنني أصبت بالاكتئاب فعليا، ومنذ بداية زواجي وأنا أبحث في المشكلة وأقرأ وأتعلم.

لم أجعله محور حياتي مطلقا، فحياتي -بفضل الله- مليئة، ووقتي ليس فارغا، أحب القراءة ولدي مكتبة وأحفظ القرآن وأراجع دراستي.

لكن بالفعل أفتقد الحياة الطبيعية في أي بيت، لا أطمح بأكثر من ذلك، هل من الطبيعي أن تكون الحياة هكذا؟ الزوج منشغل تماما، ولا بد أن تراعي الزوجة ذلك وإلا تصبح نكدية.

نفسيتي لم تعد تتحمل البقاء وحدي طول الوقت، وأتحمل كل العبء وحدي، مشاكل أولادي كثيرة جدا، وهموم تربيتهم زادت علي، كلمته في الأمر كثيرا حتى مللت، وقررت أن ألا أتسول منه الحب أو المشاعر أو الوقت أو التقدير، أو أي شيء من احتياجاتي النفسية.

وللأسف هو لا يغير أي شيء من الوضع، نتكلم ونتحاور ويعدني بالتغيير ولا يفعل أي شيء، كثيرا ما يجدني في حالة نفسية سيئة ولا يهتم، بل يزداد جفاء، ويظل أيام لا يتكلم ولا يبادر بأي شيء إيجابي، وللأسف نحن في غربة، وأنا أعاني من وحدة شديدة، لا صحبة ولا معارف ولا ترفيه، فقط أبقى في البيت أرعي أولادي، وهو طول الوقت مشغول ومجهد، فما المخرج؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم البنين حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

نرحب بك ونسعد بتواصلك معنا.

غاليتي: اعلمي أنه لا يوجد هناك زوج يتصف بالكمال، لذلك، نجد في شخصياتهم بعض العيوب، ولذلك: يجب علينا مراعاة ذلك عند التعامل معهم، -فاحمدي الله- أنّ هذا هو ابتلاؤك، وقد عافاك الله مما ابتلي به الآخرون، فروضي نفسك علي الرضا بهذا الخلق، فالصبر بالتصبر والحلم بالتحلم، وذلك حتى يستقر الرضا في نفسك، ويصل إلي أعماق قلبك، فالسعادة لا تسقط علينا من السماء، ولكننا نحن نصنعها بأيدينا، السعادة أمامك، ولكن تحتاج منك أولًا أن تخلعي عن عينيك الجميلتين النظارة السوداء التي ترتدينها، انظري حولك، فقد حباكِ الله بنعم كثيرة لا تعدُّ ولا تحصى، فبدون ليل لا نعرف قيمة النهار، وكذلك في العلاقات الإنسانية فإن الزوجين المتضادين يكمِّل كل منهما الآخر، فالزوج الذي يعمل ساعات طويلة لا تتحمله إلا زوجة هادئة وربة منزل، وربما تكون صاحبة مستوى عال من التعليم كما هو الحال في وضعك، وحتى لا تخسري زوجك عليك أن تكوني على قناعة كاملة بأنه شخص يحمل الكثير من الصفات الإيجابية والرائعة.

واعلمي أن الحياة الزوجية ليست حباً ومشاعر جياشة فقط، فحاولي أن لا تركزي على هذه الاحتياجات فقط رغم أهميتها لدى المرأة.

ثقي أن مشكلتك ليست مستعصية عن الحل، وبيدك أنت أن تتجاوزيها، وكل ما تحتاجينه هو الرضى عن النفس أولاً، ثم أن تعلمي أن الحديث مع الزوج هو فن، وما عليك إلا تعلم الطريقة المثلى التي ترضي الزوج، والتركيز على ما يحب، وما هي المواضيع التي تستهويه وتجذبه لسماعها وللنقاش بها، والأهم من هذا كله أن نتعلم فن الصمت؛ فالصمت هو مهارة بحد ذاتها يغفل عنها الكثير من النساء، بالإضافة إلى فن "أتكيت" التعامل باحترام مع الزوج؛ فإن العلاقة السعيدة والناجحة بين الزوجين لا بد أن تكون مكونة من مهارات وفنون تشمل كل نواحي العلاقة الزوجية، من تناول الطعام، وحوار وعلاقة حميمة بينهما.

* لا تجعلي حديثك مع زوجك فقط عن التعليقات على الآخرين أو انتقاد ما يقومون به، أو مقارنة زوجك بالآخرين؛ فهذه الأمور تزعج الرجل؛ لذلك عليك أن تختاري الأحاديث المناسبة.

* اقتربي من زوجك، وتعرفي على همومه وما يعانيه من مشاكل في عمله، وكل هذه الأمور بإمكانك الاستفسار عنها بطريقة لبقة وهادئة، مع الحرص على عدم استخدام أسلوب الاستفزاز والإلحاح للاعتراف بهذه الأمور، فليكن حديثك بأسلوب الصديق؛ لتكسبي ثقته، ولتكن أسئلتك قصيرة مغمورة بالمشاعر العاطفية، وتأكدي أن زوجك سوف يقوم بإخبارك عن الكثير، وكل ما عليك هو الاستماع وعدم المقاطعة، وإشعاره أنك متفهمة له.

* لا مانع من إخباره أنك بحاجة إليه وإلى دعمه ونصائحه وذكريه أنكما تعيشان في غربة، واسأليه عن ما يحبه وما يزعجه بك، وتقبلي منه ما يقوله، واطلبي منه الإرشاد والنصح، فحوار الند للند لا ينفع بين الأزواج، فلا تحاولي أن تثبتي له أنه مخطئ، وأنك أنت على صواب؛ فهذا الأسلوب لا يقرب المسافات بين الزوجين، بل يجعل الفجوة تتسع بينهما.

حاولي توفير المناخ الإيجابي في المنزل من خلال الابتسامة والحيوية والرشاقة؛ فهذه الأمور تجذب بصر الزوج وتسحره؛ فطبيعة الرجل تميل إلى التركيز على مظهر وأناقة المرأة؛ مما يجعله يركز ويستمع إليها.


* لم تخبرينا كيف هي علاقتك بأهل زوجك؟ لا مانع من أن تُذكر المرأة زوجها أن يتصل ويطمئن إلى أهله أو يرسل لهم بعض المال، فمثل هذه الأمور تُحرك مشاعر الزوج وتقربه من زوجته.. يُقال كل زوجة أن إحسانها إلى أهل الزوج من أقصر الطرق إلى قلب الزوج.

* وأحي فيك حرصك على حفظ القرآن الكريم و جميل منك أن تسعي إلى تثقيف نفسك؛ لتكون لديك ثقافة عامة -كما يقال-؛ فهذه الثقافة تنفعك في علاقتك مع زوجك ومع الناس، وتعينك على الشعور بالذات والثقة العالية.

* واصقلي شخصيتك وثقفيها عن كل ما يخص الحقوق والواجبات الزوجية من الناحية الشرعية والثقافة الجنسية.

* واعلمي بنيتي أنك إذا غيرت من أسلوبك الذي اعتاده منك، بالإضافة إلى الأخذ بهذه النصائح؛ سوف تصلين إلى نتيجة ترضيك وتشعرك بالسعادة والحب والمودة مع زوجك؛ فمفتاح السعادة الزوجية يكون بالحوار البناء والإيجابي، والاحترام المتبادل بين الزوجين، مع مراعاة مشاعر الشريك وتقبله كما هو، وتعظيم حسناته، والتغافل عن بعض الزلات والسيئات، ومن منا لا يخلو من العيوب؟

* إن لنفسك عليك حقًّا، وإن لربك عليك حقًّا، وإن لزوجك عليك حقًّا؛ فأعطي لكل ذي حقٍّ حقَّه، ولكن الإصلاح والسعي مع الصبر هو الذي سيعينك على هذا الأمر، وقبل ذلك الاستعانة بالله -عزَّ وجلَّ-،.

مع تمنياتي لك بحياة هادئة، ونفس راضية، وثقة عالية. ولا تنسي أن تطمئنينا عنك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً