الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب الخوف والوساوس لم أعد أفرق بين الحقيقة والوهم، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

شكرا جزيلا على خدمات هذا الموقع المميز.

أنا عمري 24 سنة، ملتزم بدين ربي -والحمد لله-، أعاني من الوسواس القهري منذ كان عمري 16 سنة، وأعتقد أن سببه دخولي إلى صفحات الملحدين وزرع الشك بداخلي في ذاك الوقت، وكان هذا أول باب وسواس عانيت منه على مر السنوات، منها وسواس المس ووسواس الحسد، ولم أعد أرتاح بهذا العالم منذ ذاك العمر، أصبحت نظرتي للحياة سوداوية.

الآن أعاني من وسواس الخوف من المرض والموت، والسبب وفاة ابن عمتي بعمر صغير بنوبة قلبية وموت جدتي أمامي، عانيت من انخفاض في ضغط الدم، فشعرت بانهيار الجسد، حتى بعد رجوع الضغط طبيعيا.

أجريت فحوصات الغدة وغيرها، ووجدت نقصا في (ب 12)، فتعالجت منه، والآن أعاني من نقص فيتامين (د)، وأتعالج منه، وأجريت تخطيطا للقلب وكان عدد النبضات 83، وأخبرني الطبيب أن القلب سليم، لكني لا أصدقه، وعندما كانت نوبات فقدان الطاقة والرخاوة تأتيني، كان جسدي ينتفض من شدة الخوف والتوتر بعدها.

مرت 5 أشهر، رجعت فيها طبيعيا، وظننت أن الأمر قد انتهى، ولكن الآن تعبت، وعادت نوبة فقدان الطاقة بين الحين والآخر، ولشدة خوفي ووسوستي لم أعد أفرق بين الحقيقة والوهم، وعقلي يكاد أن ينفجر، وجسمي أصبح ينتفض، وأتحرك بعشوائية وأنتفض كالمجنون، ولا أدري إن كنت سأحيا لأتلقى ردكم، فإما أن أجن وإما أن أفقد حياتي، ساعدوني، والآن أفكر في الانتحار، لكني أريد الجنة، أنقذوني، أنقذكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

الوساوس القهرية ذات الطابع الديني، والنقاش مع الملحدين، يؤدي إلى تشوش ذهني كبير جداً، ويتولد عن ذلك قلق، والإنسان يكون في حيرة من أمره، وأن يصاب الإنسان المسلم بخوف من المرض والموت أمر طبيعي بعد هذا النوع من التجربة النفسية السلبية، الحمد لله تعالى جسدك سليم، وحتى نفسك -إن شاء الله تعالى- الذي بها ليس أمراً مخيفاً، أنا أعتقد أن الخلفية الوسواسية لا زالت موجودة لديك، وهذا هو الذي يؤدي إلى تعكر في مزاجك وتشوش في أفكارك، بل تضارب فيها للدرجة التي لا تعرف الوهم من الحقيقة.

طبعاً أنا أتأسف كثيراً أن أسمع أنك تفكر في الانتحار، لأن هذه فكرة قبيحة جداً، والإخوة الذين يعانون من الوساوس -بفضل من الله تعالى- ونسبة لمنظومتهم الإيمانية والقيمية العالية لا ينتحرون، وهذا أمر عظيم، فيا أخي الكريم: عليك أن تستعيذ بالله تعالى من هذا النوع من الأفكار القبيحة، وأنصحك أن تذهب إلى طبيب نفسي مباشرة اليوم قبل غد، أنت تحتاج لعلاج دوائي بسيط يحسن من مزاجك ويهدئ من روعك، ويزيل عنك الخوف والتوترات والوساوس -إن شاء الله تعالى-، من أفضل الأدوية التي سوف تفيدك العقار الذي يعرف باسم السيبرالكس، وأنا حقيقة أنصحك أن لا تتعايش مع هذه الوساوس، أنت ذكرت أنها أتتك تقريباً منذ 8 سنوات، هذا وقت طويل نسبياً.

فقرارك الآن يجب أن يكون التحقير التام لهذه الوساوس، وصرف النظر عنها تماماً، وأن تعيش الحياة بقوة وبثقة، وأن تخطط لمستقبلك بأمان وثقة كبيرة، ونبارك لك التخرج و-إن شاء الله تعالى- تجد فرصتك في سوق العمل، أو الدراسات العليا، والمستقبل لك -إن شاء الله تعالى-، لا تعيش في الماضي، عش الحاضر بقوة والمستقبل بأمل ورجاء، وأرجو أن تذهب إلى الطبيب ليصف لك الدواء الذي اقترحته لك، أو أي دواء آخر يراه مناسباً، وأنا متأكد أنك سوف تتحسن كثيراً.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً