الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف من الموت، كيف أتخلص منه؟

السؤال

السلام عليكم

أنا هنا لكي أستفيد من إرشادكم لي ونصحكم، فأنا متعبة جدا وأعاني من أزمة نفسية بسبب وضعي الحالي.

قبل فترة كنت td خلافات عائلية بسيطة مع زوجي وتراضينا سطحيا، بعد الرضى حلمت بأنني في بيت أهلي منطرحة على الفراش، وأتى لي ملك الموت على هيئة بشر، كلمني بعض الكلمات لكنني لم أفهم أو أذكر ما قاله.

مختصر ما رأيته: أن ملك الموت نبهني بأنه سيغادرني الآن ويأتيني لاحقا، طبعا في فترة الحلم كنت حائضا، لكن في ليلة الحلم أو بعدها حضت لا أذكر، وبعدها أيضا ضربني زوجي وزعلت، وأنا عند أهلي حاليا.

ومنذ يوم الحلم حتى يومي هذا لم أعرف للراحة طعما، تفكيري في الموت أخذ كل وقتي، تعبت نفسيا وجسديا، فلم أستطع حتى التوقف على قدماي من كثرة انتهاكهما تعبا، وترتجفان في أغلب وقتي وكذلك يداي.

حتى طفلتي كلما نظرت إليها وحاولت أن ألاعبها يتهيئ لي بأنني سأفارقها وتبقى بدوني، وسيأخذونها لبيت أبوها وتعمل عندهم.

يوميا يزداد شوقي لزوجي وأذهب لكتابة رسالة له وأتردد، ففكرة الموت تأخذ كل فكري ويومي، علما أنني أصلي صواتي الخمس، وأحيانا أصلي الوتر، وأنا في الجزء السادس من ختمة القران الكريم، والذي جعلني أستشيركم اليوم هو: عند صلاة الفجر اهتزت قدماي وارتجفت، وبرد جسمي وضاق تنفسي، ورافقني ألم في صدري لم أعرف كيف أتممت صلاة الفجر وسنتها، شعرت وكأن ملك الموت أحاطني وأخذ روحي من شدة الألم والضيق.

أرجوكم ساعدوني فلم أعد أعي شيئا من حياتي سوى أفكار الموت، وترك بنت، حتى ذلك جعلني لا أود الاقتراب من ابنتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم مروة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أيتها الفاضلة الكريمة: لا بد أن تُصلحي ما بينك وما بين زوجك، وأن تكوني حقيقة حريصة على هذا الأمر، المرأة الصالحة هي التي تُحافظ على زوجها وزواجها، وهي التي تعرف الآليات الصحيحة لذلك.

إن عدم الاستقرار النفسي الذي ينتج من الخلافات الأسرية –خاصة الزوجية منها– يُسبب خللاً كبيرًا على الصحة النفسية بالنسبة للطرفين، خاصة الزوجة، فأرجو أن تصلحي ما بينك وبين زوجك، وأكثري من الاستغفار، واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، هذا يُساعدك -إن شاء الله تعالى-.

بالنسبة لحالتك هذه: طبعًا لديك ما نسمِّه بقلق المخاوف الوسواسي، والخوف من الموت موجود وشائع جدًّا، وحقيقة أنا دائمًا أقول أن مثل هذا النوع من الخوف هو خوف مرضي، ونحن لا نريد الناس أن يخافوا بصورة مرضية من الموت.

الخوف من الموت إذا كان خوفًا محمودًا أو خوفًا شرعيًّا هذا مطلوب، والخوف المحمود هو أن نخاف أن يأتي الموت والواحد مفرّطٌ في الواجبات، أو منغمس ومتلطِّخٌ بالمحرمات، هذا خوف محمود؛ لأنه يؤدي إلى إصلاح حال الإنسان بحول الله تعالى، قال -صلى الله عليه وسلم-: (أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَادِمِ اللَّذَّاتِ، يَعْنِي الْمَوْتَ)، وقال: (كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمِ الْآخِرَةَ) لماذا؟ لأنها تُذكر بالآخرة.

أمَّا الخوف من هذا النوع فهو خوف مرضي، والخوف المرضي يجب أن يُحقّر، قولي لنفسك: (هذه فكرة حقيرة، أنا لن أهتمّ بها أبدًا، أنا -الحمد لله- حريصة على صلاتي، أسأل الله أن يحفظني وأن يوفقنا ويسددنا ويختم لنا أعمارنا بخير وعلى خير، وأن يحسن الخاتمة) وهكذا.

فهذا هو المبدأ الأول في علاج مثل هذه الحالات.

المبدأ الثاني: أن تكوني إيجابية، انظري للأشياء الجميلة في حياتك، وأكثري من الأنشطة الاجتماعية، كما ذكرنا: كوني حريصة على واجباتك المنزلية والزوجية، وأنا أراك ما شاء الله أيضًا طالبة، فعليك ما شاء الله الكثير، -إن شاء الله- تكوني من المتميزات في دراستك، وبحسن إدارة الوقت تستطيعي أن تقومي بكل شيء، وبمستوى عالي جدًّا من الكفاءة والإجادة، فأرجو أن تطبقي هذا.

تجنبي النوم النهاري، احرصي على النوم الليلي المبكّر فهو مفيد جدًّا لك، وأنا أريد أيضًا أن أصف لك أحد الأدوية الممتازة لعلاج قلق المخاوف الوسواسي، الدواء -بفضل من الله تعالى- غير إدماني، يُسمَّى (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، ويُسمَّى تجاريًا (لوسترال) أو (زولفت) أو ربما تجدينه تحت مسميات تجارية أخرى.

الجرعة هي: أن تبدئي بنصف حبة –أي خمسة وعشرين مليجرامًا– تتناولينها يوميًا لمدة أسبوع، ثم تجعليها حبة كاملة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تجعلي الجرعة حبتين في اليوم –أي مائة مليجرام– وهذه جرعة بسيطة متوسطة، وأعتقد أنها سوف تفيدك كثيرًا، استمري على هذه الجرعة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى خمسين مليجرامًا –أي حبة واحدة– يوميًا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم تتوقفي عن تناول الدواء.

الدواء غير إدماني، وغير تعودي، متميّز في تحسين المزاج وإزالة قلق المخاوف الوسواسي، لا يضر أبدًا بالهرمونات النسائية، فقط ربما يفتح الشهية قليلاً نحو الطعام، هذا قد يحدث، أو قد لا يحدث.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً