الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لي خاطب مناسب ورفضته دون سبب مقنع، ولكني ندمت كثيرًا!

السؤال

السلام عليكم.

عمري 28 عاما، تقدم لي شخص عمره 39 عاما، وافق الأهل جميعا، ما عدا أمي كانت حائرة، وكذلك أنا كنت حائرة بسبب انشغالي بالعمل، وأعطوني فقط يومين للتفكير، بسبب ضغط العمل على الإنترنت لم أفكر جيدا، وقررت الرفض، وبعد يوم من الرفض ندمت كثيرا، لأن الرجل كان ذو مواصفات جيدة من ناحية الشكل والعمل، ولكن شهادتي كانت أعلى منه بكثير، وبسبب ضغط العمل وكذلك رأي أمي بأني أعلى منه في المركز الاجتماعي، رفضت.

الآن أنا في حالة ندم، وأدعو ربي دائما، لا أعرف لماذا أنا في حالة ندم أوصلتني للبكاء؟ رغم أني لم أتكلم مع الرجل، فقط رأيته، أرجو مساعدتي للخروج من هذه الحالة الصعبة التي أمر بها، فأنا أبكي دائما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غادة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – ابنتنا الفاضلة – في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص والسؤال، نسأل الله أن يعوضك خيرًا، وأن يضع في طريقك ابن الحلال، وأن يُصلح الأحوال، ويحقق لنا ولكم في طاعته السعادة والآمال.

لا يخفى عليك أن الكون يمضي بقضاء الله تعالى وقدره، والإنسان ما ينبغي أن يحزن على شيء فاته {لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم}، قال ابن عباس: «ما من إنسان إلَّا يفرح ويحزن، لكن المؤمن يجعل حزنه صبرًا، ويجعل فرحه شُكرًا لله تبارك وتعالى»، والإنسان ما ينبغي أن يُعود إلى الوراء، ولكن ينبغي أن ينظر ويمضي إلى الأمام، وأرجو أن يكون في الذي حصل درسًا لك، لأن الفتاة ما ينبغي أن تستعجل في رفض الخُطّاب، وما ينبغي أيضًا أن تميل إلى رأي النساء غالبًا، فالرجال (المحارم) هم الأعرف بالرجال في مثل هذه الأحوال، والمؤمنة لا تُلدغ من الجحر الواحد مرتين، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعوضك بمن هو أفضل منه، وأن يُقدّر له مَن هي أفضل منكِ.

ولا يخفى عليك أن مثل هذه الأمور الإنسان لا يملك فيها إلَّا أن يرضى بقضاء الله تبارك وتعالى وقدره، وليس هناك داعٍ للبكاء، فالإنسان لا يدري ولا يعرف أين الخير، قال عمر بن عبد العزيز: «كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار» يعني فيما يُقدّره الله تبارك وتعالى، قال الفاروق عمر: «لو كُشف الحجاب ما تمنَّى الإنسان إلَّا ما قُدّرَ له»، فلعل الخير في هذا الذي حصل، ولذلك أرجو أن تستقبلي الحياة بأملٍ جديدٍ وبثقةٍ في ربنا المجيد، أمِّلي خيرًا، وتوجّهي إلى الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك الخير دائمًا، وإذا كان في الرجل خير وهو من رزقك فسوف يعود ويُفكّر في العودة إليك بطلب يدك مرة أخرى، وإذا مضى فذلك بتقدير الله، وسيأتيك إن شاء الله مَن هو خيرٌ منه.

ونحن دائمًا ننصح بناتنا وفتياتنا بعدم رد الخُطّاب، وننصح دائمًا بأن تُشكلي حضورًا في مواطن الخيرات، وتجمُّعات النساء الفاضلات، واعلمي أن أكثر أولئك النساء أو فيهنَّ مَن تبحث لابنها أو لأخيها أو لخالها أو لعمِّها أو لأي محرمٍ من محارمها عن الفاضلات من أمثالك، فممَّا يُعين الفتاة على أن تتزوج بسرعة أن تبذل الأسباب، ومن بذل الأسباب أن تُظهر ما وهبها الله تبارك وتعالى من جمال ودلال وسط جمهور النساء وبين أخواتها وعند جاراتها، وهذه هي البيئة التي تجد فيها الفتاة مَن يبحث عنها ويسأل عنها ويريد أن يُكمل معها مشوار الحياة.

إذا جاءك الندم فتعوذي بالله من شيطان همّه أن يحزن أهل الإيمان، واعلمي أنه لن يحدث في كون الله إلَّا ما أراده الله تبارك وتعالى، وسوف يأتيك الخير بإذن الله تبارك وتعالى، فأشغلي نفسك بما خُلقت لأجله من أجل العبادة والطاعة، وأكثري من الدعاء واللجوء إلى الله، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ويرضيك به.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً