الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب القلق والتوتر والخوف وكثرة التفكير؟

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي بدأت منذ 5 أشهر، حيث إني عانيت من تغير في نمط حياتي ومشاكل عائلية، وأيضا مشاكل مع أصدقائي، كنت في تلك الفترة مكتئبا وأعاني من مشاكل في النوم، ثم لسبب ما تغير مكان نومي، فأصبح النوم أو التفكير في النوم يسبب لي الرعب، تطور بعدها الأمر إلى قلق، بدأ أني استيقظت من النوم قلقا وغير ثابت، وغير قادر على الاسترخاء، ذهبت يومها إلى العمل متململا، لا أثبت في مكان، وعند الغداء لم أستطع الأكل، كانت اللقمة تقف في حلقي.

بعدها تطور الأمر، لم أعد كالسابق، ولم أعد أستمتع بما كنت أعمل من قبل، تركت عملي، فلم أكن أتحمل البقاء فيه.

ذهبت إلى طبيب نفسي، فوصف لي اللوسترال والاكسانكس، ولكن حتى عندما كنت آخذ الاكسانكس لم أكن أشعر بمزاج عال، علما أني أخذته لمدة شهر ونصف وبجرعة 200 يوميا، ثم حولني إلى السيبراليكس، ولم أشعر بتحسن، ثم الإفكسور xr، أيضا لم أتحسن، بعده ذهبت إلى أربعة أطباء بدون فائدة.

مشكلتي الآن أني أعاني من خوف وقلق، خصوصا في فترة الصباح، وعدم الرغبة في عمل شيء، وقلة الصبر وتململ، وعدم القدرة على الاسترخاء، وعدم القدرة على الاستمتاع في عملي كالسابق، وعدم الصبر على البقاء فيه، وكثرة التفكير في حالي، هل سأبقى هكذا؟ ماذا سأفعل؟ وأتمنى استمرار الليل وعدم ظهور النهار، وكثرة البحث على الإنترنت عن أدوية للقلق والاكتئاب، وعدم الحماس لعمل شيء، وخوف لا أعرف من ماذا، وإذا ضحكت يكون بالي مشغولا، وفجاة أرجع للحزن ووجع الرأس وعصبية وضجر وكأن شيئا على صدري.

أفيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أعراضك فيها جوانب كثيرة لما يمكن أن نسميه بالقلق الاكتئابي من الدرجة البسيطة، هذا هو التشخيص، والقلق وحتى الاكتئاب النفسي في هذا العمر غالبًا يكون مرده إلى الضغوطات الحياتية، خاصة إذا كان الشخص لديه الاستعداد والقابلية والعوامل المُهيئة والمُرسّبة لظهور هذه الحالات.

أنا أعتقد أن خط العلاج الأول هو تغيير نمط الحياة، والإصرار على الفكر الإيجابي والمشاعر الإيجابية والأفعال الإيجابية، لا بد أن يكون لديك إرادة، وتحسّن الدافعية لديك، الإنسان الله تعالى أعطاه طاقات ومقدرات كثيرة جدًّا للتغيُّر، في بعض الأحيان هذه المقدرات يحدث لها نوعًا من الخمول، لكن الإنسان حين يُفكر في واقعه الحاضر ويُركز عليه، وينطلق فكريًّا ونفسيًّا ووجدانيًّا وجسديًّا يستطيع أن يتغيّر.

إذًا لا تفكّر في السلبيات، حاول أن تجعل فكرك دائمًا يُلامس الإيجابيات، نظم وقتك، مارس الرياضة بكثافة، احرص على التواصل الاجتماعي، لا تُقصّر في العبادات أبدًا خاصة الصلاة، استمتع بوقتك من خلال الترفيه عن النفس بما هو جيد وجميل، الاندماج في العمل وتطوير الذات، والقيام بالواجبات الاجتماعية، وعدم التخلف عنها، والحرص على بناء نسيج اجتماعي ممتاز.

هذه الأمور هي السبل العلاجية الجيدة والمفيدة، والتي قطعًا سوف تؤدي إلى التغيُّر إذا توجّه الإنسان نحوها وطبّقها.

الأدوية لا أنكر دورها، لكن مساهماتها في العلاج ليس أكثر من 30%، كما أن الدواء حين يتناوله الإنسان حتى إذا تحسَّن عليه حين يتوقف منه قطعًا سوف ينتكس، لكن الإنسان الذي تكونُ له الدافعية والإصرار على التحسُّن، والإصرار على أن يكون سعيدًا، والسعادة تُصنع حقيقة.

الإنسان الذي يجعل نمط حياته على هذه الشاكلة الفعّالة – خاصّة في مثل عمرك، والله تعالى حباك بطاقات كثيرة كما ذكرنا، وأنت على أعتاب مرحلة الشباب – يكون التغيُّر تغيُّرًا دائمًا، ويتبدّل كل شيءٍ ليُصبح إيجابيًّا (الفكر، المشاعر، وكذلك الأفعال).

إذًا هذه نصيحتي لك، أمَّا الأدوية فهذه الأدوية متشابهة ومتقاربة جدًّا، أنا أعتقد أن عقار (ريميرون/ميرتازبين) بجرعة 15 مليجرام ليلاً سيكون جيدًا بالنسبة لك، لأنه يُحسّن النوم، وتتناول في الصباح عقار (بروزاك) تبدأ بعشرين مليجرامًا بعد الفطور، وبعد أسبوعين اجعلها أربعين مليجرامًا يوميًا، استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها كبسولة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء.

أمَّا بالنسبة للميرتازبين فتكون الجرعة كما ذكرتُ لك نصف حبة – أي 15 مليجرام – ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم ربع حبة – أي 7,5 مليجرام ليلاً لمدة شهرٍ، ثم يتم التوقف عن تناوله.

من الأشياء المهمة أيضًا التعبير عن الذات وعدم الكتمان والاحتقان، هذه مهمّة جدًّا، وتمارين الاسترخاء أيضًا إذا طبقها الإنسان بصورة جيدة، واستصحب معها الرياضة فإن فائدتهما عظيمة جدًّا في علاج القلق الاكتئابي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً