الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من قلق وضيق تنفس خفيف، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا بعمر 48 سنة، متزوج، لدي أطفال، وليس لدي أي مشاكل في عملي ومع أسرتي.

أنا أعيش في إحدى الدول الغربية قبل 5 أعوام، وقبل أكثر من عام شعرت بضيق نفس وتسارع في ضربات القلب والشعور بالدوران، فذهبت إلى الطوارئ بنفس الوقت، وكانت الساعة الواحدة صباحاً.

بعد أن تم إجراء الفحوصات الطبية تبين أنه لا توجد أي أعراض للنوبة القلبية وقال لي الطبييب المقيم عليك بمراجعة طبيب مختص بالأمراض القلبية.

بعدها راجعت طبيب قلبية وتم أخذ كل الفحوصات وتبين أن لدي تباطؤاً قليلاً في ضربات القلب، وقال لي الطبيب المختص: هذا أمر طبيعي، لأن بنيتك رياضية، ولا تقلق وقلبك سليم.

بقيت أشعر بأن هنالك ضيقاً بسيطاً في النفس وحرقة في منطقة عظم القص، وذهبت إلى طبيب مختص بالجهاز الهضمي، وبعد الفحوصات تبين أني مصاب بجرثومة المعدة ( H - pylori ) وتم أخذ العلاج لمدة أسبوعين، ولم أشعر بتحسن وزاد الألم والتوتر والقلق بسبب معدتي.

ذهبت إلى طبيب آخر مختص بالجهاز الهضمي وتم إجراء منظار للمعدة، وتبين أن هنالك تقرحاً وهو بسيط بسبب الجرثومة، وهنالك شعرت أنني ليس لدي مرض عضوي.

توقفت عن شرب الأدوية، ولكن حالتي بدأت تزداد، وأفكر بمراجعة الأطباء بين يوم وآخر، وأشعر أني مريض، ويضيق صدري، وأشعر بالاختناق، ولكنها تزول بعد فترة قليلة، وعند الاختلاط بالأصدقاء.

قمت أفكر بأنني كبرت ولم أعد شاباً، وسأموت في الغربة، وكل يوم أشعر بأنني مصاب بمرض وتختفي الأعراض.

أرجوكم أفيدوني، ولكم الأجر والثواب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء، وأنت لديك استشارة سابقة رقمها (2427552) أجاب عليها الأخ الدكتور/ عطية إبراهيم محمد، وهنالك أشياء كثيرة مشتركة ما بين استشارتك هذه وبين سابقتها.

من خلال تفحصي لما ذكرتَه – أخي الكريم – أنا وصلتُ لقناعة تامّة أن أعراضك هذه هي أعراض نفسوجسدية، أوّل ما حدث لك قبل أكثر من عام من شعور بالضيق في التنفس وتسارع في ضربات القلب والشعور بالدوران (الدوخة)، هذا أعتقد أنها كانت نوبة هرع أو نوبة فزع، وهي بالفعل مُخيفة جدًّا، وتجعل الكثير من الناس يعتقدون أن لديهم أمراضاً في القلب، ويبدأ الإنسان يتنقّل من طبيب إلى آخر.

هي نوبة قلق حادّة، أو ما يُسمَّى بـ (نوبة هرع)، وبعد ذلك بدأت رحلتك مع أعراض الجهاز الهضمي، وطبعًا موضوع جرثومة المعدة أمرٌ عضوي لا شك في ذلك، لكن حتى الالتهابات التي تُسببها هذه الجرثومة كثيرًا ما نجدها مرتبطة أيضًا بالقلق والتوترات، وتجد حتى بعد علاجها وتناول الدواء الثلاثي تجد الأعراض تظلّ موجودة، وهذا هو الذي حدث لك.

أخي الكريم: أنا أرى أنه لديك نوع من القلق (قلق المخاوف الداخلي) وهذا أدّى إلى ما نسمّيه بالحالة (السيكوسوماتية) أو الحالة (النفسوجسدية)، وأنا أراها حالة بسيطة، وأنت في نهاية استشارتك أوضحت بصورة واضحة ما تعاني منه من قلق مخاوف، وأقول لك أن الأمر بسيط إن شاء الله تعالى، والعلاجات تتمثّل في الآتي:

أولاً: لا تُكثر من التردد على الأطباء، يمكنك أن تجري فحوصات دورية لدى طبيب الأسرة، مثلاً مرة كل أربعة أشهر أو كل ستة أشهر.

ثانيًا: مارس الرياضة، أي نوع من الرياضة – أخي الكريم – اجعلها جزءًا من حياتك.

ثالثًا: احرص على النوم الليلي المبكر.

رابعًا: طبِّق تمارين الاسترخاء، هذه التمارين مهمّة ومفيدة جدًّا، وتوجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.

خامسًا: أنت لديك أشياء إيجابية كثيرة في حياتك بفضل الله تعالى، وأنا متأكد بإذن الله أن حياتك الأسرية طيبة، وتواصلك الاجتماعي أيضًا جيد، فأريدك أن تُؤهل نفسك اجتماعيًّا، المزيد من التواصل الاجتماعي، المزيد من المقدرة على حسن إدارة الوقت، وأن تحرص على صلواتك في وقتها، ووردك القرآني اليومي، والدعاء، والحرص على الأذكار ... هذه كلها تمثِّل علاجات مهمّة جدًّا لحالتك.

النقطة الأخيرة: إن تمكنت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أمرٌ جيد، وهذا لا يعني أنك مريض نفسي، إنما لديك ظاهرة ذات طابع نفسي حقيقة، وإن لم تستطع أن تتمكّن من الذهاب فيمكن أن أصف لك بعض الأدوية البسيطة والسليمة وغير الإدمانية.

من أفضل الأدوية التي تفيدك عقار (سيرترالين) والذي يُسمَّى تجاريًا (زولفت) أو (لوسترال) – أو ربما تجده تحت مسمى تجاري آخر – دواء رائع لعلاج قلق المخاوف، تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – تتناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم اجعلها حبتين يوميًا لمدة شهرين، ثم حبة واحدة يوميًا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناوله.

أراه دواء رائعًا، وسوف يفيدك كثيرًا إن شاء الله تعالى، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً