الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اكتئاب متقلب وهوس خفيف وقلق

السؤال

الإخوة القائمين على الموقع، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سؤالي: عن حالة عجيبة أصبت بها بعد وباء كورونا، وهي أني كنت مصاباً بحالة نفسية تتمثل في الاكتئاب المتقلب والهوس الخفيف والقلق، وكنت متعايشاً مع هذه الأعراض ومدركاً لها تماماً، ولا توجد مشكلة كبيرة، حتى إني ما كنت أسعى في حلها لأني متعايش معها.

بعدها فجأة وبعد عزلة طويلة في المنزل ومراقبة أعراض كرونا، وبعد أن توفيت زوجة أخي المقيمة معنا في المنزل ظننت أنها كرونا، وأني أيضاً مصاب بكرونا بعد ظهور قيء ودوخة.

بعدها ظهر تنميل وضغط منخفض، وسائل أصفر به نقاط حمراء مع الريق، ألاحظه كل يوم صباحاً ودوخة وهبوط.

أما عن رأسي فهو موضوع آخر، فاختفى الادرنالين، أنا خائف لكن غير قلق، فقط القلق الذي يحفز ويجعل الإنسان أكثر يقظة، ومستغرب من ذلك بعد انخفاض ضربات القلب، وكأن العقل والدماغ أصيبا بشيء ما، وأشعر بحالة نفسية لا أستطيع وصفها، وهي عدم تحمل اللحظة التي أعيشها، فلا أضحك، وأشعر أن ردود أفعالي غريبة.

لا أشعر بنفسي إطلاقاً، مع أنني كنت مصاباً بتبدد قديم، وأشعر أن هذه المرة ليس تبدداً، وإنه شيء في العقل لا أعرفه أثر عليّ، وأشعر أن طبعي وكلامي وتفكيري غريب، لا أشعر بنفسي، وأنام اليوم كله، أشعر أني فاقد للسيطرة على نفسي ومزاجي سيء جداً وعصبي.

أشعر أني أكثر جرأة أو أني مندفع في كل شيء هذه الفترة، وأخاف من ذلك، وأنام وأصحو وأفعل كل شيء بلا جدوى نهائياً، واختفت كل دوافعي تجاه أي شيء، ومستغرب من اختفاء القلق والخفقان القلقي، وحالة اليقظة هذه!

الآن إن قلقت يضيق نفسي وتسرع نبضاتي دون ارتجاف.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

طبعًا ما حدث خلال هذه الجائحة – جائحة كرونا كوفد 19 – غيّر كثيرًا في العالم، في طريقة التفكير، وفي قدرة الناس على التكيُّف وعلى التواؤم، ظهرت أعراض نفسية، اختفت أعراض، تغيُّر اجتماعي، تغيّر وجداني، تغيُّر اقتصادي، التغيير حقيقة كان هائلاً جدًّا من خلال هذه الجائحة، وأنت على وجه الخصوص طبعًا تعايشت مع وفاة زوجة أخيك، وهنا أعتقد أن الأمر كان له وقع خاص جدًّا عليك من الناحية النفسية، وحدث لك ما نسمّيه بـ (عدم القدرة على التكيف) أو (عدم القدرة على التواؤم) أو ما يمكن أن يُسمَّى بـ (درجة بسيطة من عُصاب ما بعد الصدمة).

هذه الحالات – أيها الفاضل الكريم – حالات عارضة، حالات يمكن للإنسان أن يتجاوزها بشيء من التدبُّر والتأمُّل والتفكّر الإيجابي والاستقرار الذهني المتأمِّل، الذي يقوم على مبدأ التوكل على الله، والاستعانة به، فالإنسان يسأل الله تعالى أن يحفظه من هذه المصائب، وهذه الابتلاءات، وهذا الوباء.

أنت لا تعاني حقيقة من مرض حقيقي، إنما هو تفاعل ظرفي كما ذكرتُ لك، وحقيقة أنا أحرصُ على أن أوضّح لك حقيقة تشخيصك، لأن ذلك هو السبيل الذي يُساعدك على معرفة الحالة، ويُساعدك على تجاوزها، فأريدك أن تعرف أن هذه الجائحة أمر عام، أصاب الدنيا كلّها، ويجب ألَّا ننظر له بخصوصية شخصية، هذا أيضًا مهمٌّ جدًّا، ويجب أن تسير الحياة، ويجب أن نتواءم، ويجب أن نتكيف.

أخْرِجْ نفسك من هذا الذي أنت فيه من خلال التدبُّر فيما ذكرتُه لك وتطبيقه، واجتهد في حياتك، في دراستك، في تواصلك الاجتماعي، في عباداتك، مارس الرياضة، رفّه على نفسك بما هو طيب وجميل، وأعتقد أن الأمر سينتهي عند هذا الحد.

يمكن أن تتناول أحد الأدوية البسيطة جدًّا، عقار (ألبرازولام) والذي يُسمَّى تجاريًا (زاناكس) بالرغم من أنه دواء تعوّدي إذا تمادى الإنسان في استعماله، إلَّا أنه مفيدٌ جدًّا في مثل هذه الحالات.

أنا أعتقد أنك يمكن أن تبدأ في تناوله بجرعة ربع مليجرام صباحًا ومساءً لمدة ثلاثة أيام، ثم ربع مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أيام، ثم ربع مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أربعة أيام، ثم تتوقف عن تناوله.

كما أرجو أن تمارس أي نوع من الرياضة – رياضة المشي أو الجري أو غير ذلك من الرياضات –طبِّق أيضًا بعض تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفّس التدرّجي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً