الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من انعدام التوفيق والنجاح في حياتي، فهل سببها المعاصي الماضية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنا شاب في الـ 26 من عمري، أعاني من ضغوطات نفسية هائلة، وهموم تفوق قمم الجبال، أحس أن الدنيا كلها فوق رأسي، فشلت بتعليمي، فشلت بتعلم صنعة، فشلت في كل شيء تقريبا في حياتي، لم أعش طفولة سعيدة، ولم أحس بالأمان، كبرت وكبرت همومي معي، أخاف من كل شيء، وأحس أني أعاني من الوسواس.

جميع أصدقائي ومعارفي الذين في عمري نجحوا في حياتهم، منهم من تزوج، ومنهم من خطب، والكل يعمل في عمل يحبه وتعلمه (اللهم لا حسد) وبالتوفيق لجميعهم.

ارتكبت عددا من المعاصي، وتكلمت مع بنات، ولكن لله الحمد لم نصل لدرجة الفاحشة، أحس أن كل ما عملته من معاصٍ يقف لي في حياتي ويمنعني من التوفيق فيها، وأحس بغضب الله علي، لقد تبت لله توبة نصوحا، وبدأت بالصلاة منذ أيام، وأدعو ربي في كل صلاة أن يوفقني ويرزقني ويبعدني عن هذه الأمور، أخاف على نفسي الفضيحة، وأخاف أن أخزي أبي وأمي بعد شيبتهما، وأخاف على إخوتي من ذنوبي ومن ربي في المقام الأول.

أدعو ربي بحرقة وأبكي أحيانا في الليل، تمنيت الموت أكثر من مرة، ولا أعرف ماذا أفعل؟ ومن أين أبدأ، فهل تقبل توبتي؟

مع العلم أني لا أستطيع طلب السماح من أحد لأسباب خاصة، ولكنني أدعو لهم بالتوفيق دائما.

شكرا جزيلا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أدعو الله أن يثبتك، ويهديك لكل خير. واعلم أن باب التوبة مفتوح دائماً، يقول الله عز وجل: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53]. وقال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [الشورى: 25] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (التوبة تهدم ما كان قبلها) فإذا كانت توبتك خالصة لله، وعزمت على عدم الرجوع إلى المعاصي، فإن ذلك من حسن العمل إن شاء الله.

أخي العزيز: فيما يلي مجموعة من الإرشادات العملية التي ستساعدك بمشيئة الله على تنظيم أمور حياتك:

- ابتعد عن البنات اللواتي كان لك معهن علاقات في السابق، وقم بمسح أرقامهن من جوالك، واقطع تواصلك معهن أو مع أي شخص له علاقة بهن، ولا تزر الأماكن التي كنتم تجتمعون بها.

- للتخلص من الضغوط النفسيّة أو التخفيف منها، أولاً حدد مصدر الضغط ثم ابحث عن وسيلة للتعامل مع هذا المصدر، فلا يُعقل أن نقف متفرجين أمام ضغوط وظروف تدمر حياتنا، بل يجب علينا التصدي لتلك الضغوط بترتيب أولوياتنا ومشاكلنا، من المهم إلى الأقل أهمية، والبدء بعلاج المشكلات الرئيسية، والتي قد يكون حلها بمثابة مفتاح لحل الكثير من المشكلات الفرعية الأخرى.

- ابحث بشكل جديّ عن مجال مهني تجد نفسك فيه وتميل إليه مثل تحديد مهنة معينة والبدء بتطوير نفسك فيها من خلال تلقي دورات في مجال هذه المهنة، لكي يكون لك مسار واضح في حياتك، لذا عليك البدء بأسرع وقت وعدم إضاعة الوقت.

- ضع هدفاً قابلاً للتحقيق، واعمل على تحقيقه، ولكن يجب أن يرتبط هذا الهدف بوقت محدد لإنجازه، يعني قد يكون هدفك مع نهاية السنة القادمة أن يكون لديك محل خاص بك، أو أن تستقل مهنياً عن الآخرين وتعمل لحسابك الخاص.

- تحدث عن مشاكلك لصديق أو أخ أو أخت، فهذا سيخفف عنك بشكل ملحوظ حجم الضغوط النفسية التي تشعر بها.

- مارس أي رياضة تحبها لمدة نصف ساعة يومياً على الأقل مثل السباحة أو المشي، فذلك سيقلل من مستوى التوتر والضغط لديك ويجعلك أكثر هدوءاً وارتياحاً.

وفقك الله، وننتظر تواصلك معنا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • تونس سميرة زين الدين

    بارك الله فيكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً