الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم أنس ظلماً قديماً وأعاني نفسياً إلى الآن

السؤال

السلام عليكم.

منذ أكثر من عشرين سنة وأنا طالبة في المرحلة الثانوية تعرضت لظلم كبير عن طرق أصدقائي في الثانوية، وكان وراء التشهير بي بنات في فصلي شهدن فيّ شهادة الزور، وظلمنني كثيراً وصدقهن الباقي، وقاطعتني صديقاتي كلهن لمدة سنة كاملة.

كنت أجلس لوحدي في الصف لأنه لا أحد من أصدقاء الدراسة ويبلغ عددهم ثلاثين يريد أن يجلس أمامي، فبدأ الجميع يتفاداني رغم أني لم أفعل شيئاً أبداً.

الان تزوجت وأنجبت لكن طول هذه المدة لم أنس ظلمهم لي، ولا زلت أتذكر أسمائهم ووجوههم واحداً واحداً، ولم أستطع أن أسامحهم.

ماذا أفعل؟ هل أدعو عليهم أم أسامح؟ لم أستطع.
وهل هو طبيعي أن يتذكر الإنسان ما وقع له ويتألم كألمه أول مرة رغم مرور عشرين سنة؟

أريد شخصاً ما ينورني وله الجنة إن شاء الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بداية نسأل الله أن يتولاك بحفظه، وأن يوفقك إلى مرضاته، والجواب على ما ذكرت:

لا شك أن الظلم يوقع في النفس ألمًا وحسرة، لما فيه من الأذى على المظلوم، ولهذا حرمته الشريعة، وكان من كبائر الذنوب، ومن وقع فيه لزمه أن يتوب منه وأن يتحلل ممن ظلمه، فإن استطعت أن تتواصلي مع من ظلمك فتذكريه بالله وبعاقبة ما فعل، فهذا أمر حسن.

بعد مرور عشرين عاماً على ما جرى، فأنصحك أن تنسي ما حصل، ولا تفكري فيه لأن هذا كان من الماضي، وقد وقع وانتهى، وتذكره لن يغير في حقيقة الأمر، ولا فائدة ترجى لك من تذكره إلا مزيداً من الحزن والأسى، مما يجعلك تشعرين بالتعاسة والألم، وهذا يحرمك السعادة والاستقرار النفسي في حياتك، فلهذا اجتهدي في نسيان ما حدث، وإذا حدث تذكر ما حدث فأكثري من الذكر والاستغفار، واشغلي نفسك بكل نافع ومفيد من عمل أو قراءة أو هواية، ولا تتركي نفسك فريسة للفراغ حتى لا يعود لك تذكر تلك الذكرى المؤلمة.

في آخر كلامك ذكرت هل أدعو عليهم أم أسامحهم؟ أنا أنصحك بالعفو والصفح حتى تنالين الأجر من الله تعالى، قال تعالى: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله)، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله) رواه مسلم، قال النووي: (إن من عرف بالعفو والصفح ساد وعظم في القلوب، وزاد عزه وإكرامه).

إن هؤلاء الزملاء الذين وقع منهم الظلم كانوا في فترة الشباب، ولعلهم لا يدركون فداحة ما فعلوا، ولعلهم قد تابوا مما حصل، فأرجو أن تكثري من الدعاء لهم بالعفو والخير والصلاح.
بارك الله فيك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً