الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما تبت أعود وأنتكس!

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عندي 26 سنة، غير متزوج، ولا يتيسر لي الزواج، الآن تكمن مشكلتي في تفكيري الكثير في الجنس والزواج، تتلخص مشكلتي أني كلما أتوب عن مشاهدة المقاطع الإباحية أنتكس وأعود لمشاهدتها، رغم أني امتنعت عن العادة السرية، وحتى بعد المشاهدة لا أفعلها.

كلما أتوب أنتكست وأشعر بضيق صدر وندم، ولكن أعاني من سلس بول يجعل الشيطان يوسوس لي بأن صلاتي غير مقبولة، وأن حتى تسبيحاتي واستغفاري قد يكون غير مقبول، ولكني أندم كلما انتكهت حرمة خلواتي ونظرت للمحرمات والله -عز وجل- ينظر إلي.

أرجوكم انصحوني لوجه الله، أخشى ألا تقبل توبتي بعد ذلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – أخي الحبيب – في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يُغنيك بحلاله عن حرامه، وأن يرزقك الاستعفاف ويعينك عليه.

لا شك – أيها الحبيب – أن شابًّا مثلك سيُعاني كثيرًا من شدة حاجته للزواج، ولكنه موعودٌ من الله تعالى بأنه إذا أخذ بأسباب العفاف فإن الله تعالى يُعفُّه، قال الله سبحانه وتعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يُغنيهم الله من فضله}، فهذا كما يقول أهل العلم: وعدٌ من الله تعالى بأن يُغنيه من فضله، فأحسن الظنَّ بالله، واعلم أنه سبحانه وتعالى لا يُعجزُه شيء، إذا أراد شيئًا إنما يقول له كن فيكون، والنبي -صلى الله عليه وسلم يقول-: (ومن يستعفف يعفُّه الله).

فخذ بأسباب العفاف، ومن ذلك: أن تغض بصرك عمَّا حرَّم الله تعالى، فإنه عونٌ لك على هذا العفاف، كما قال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم} أي: أطهر لهم.

فجاهد نفسك على غض بصرك عن مشاهدة ما حرَّم الله تعالى عليك، وبذلك تُعين نفسك على تحصيل هذا العفاف.

وممّا يعينك على ذلك رُفقة الصالحين، والإكثار من مجالستهم، وشغل النفس بما ينفع، فإن النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل. ونحن نعلم مدى صعوبة الصبر على هذا السلوك – أعني الاستعفاف وغض البصر – ولكنَّ الله تعالى سيُسهِّله لك، فمن غضَّ بصره عمَّا حرَّم الله تعالى عليه يُرزقُ حلاوةً يجدها في قلبه، كما جاءت بذلك بعض الأحاديث.

أمَّا ما تشعر به من سلس البول: فإن كان مجرد توهم فلا تلتفت إليه، أمَّا إذا كنت متيقِّنًا منه كيقينك بوجود الشمس في النهار فهذا له حالتان:

- الحالة الأولى: أن يكون هذا السلس ينقطع عنك زمنًا يكفيك للطهارة والصلاة قبل خروج وقت الصلاة، ففي هذه الحالة عليك أن تنتظر الوقت الذي ينقطع فيه هذا السلس فتتوضأ وتُصلّي.

- أما إذا كان دائم النزول بحيث لا ينقطع عنك زمنًا يكفيك فيه الطهارة والصلاة قبل خروج وقت الصلاة، أو كان مضطربًا غير منتظم؛ ففي هذه الحالة بعد دخول الوقت – أي بعد أن يؤذِّن المؤذِّنون للصلاة – تتوضأ وتُصلّي بعد التحفُّظ بشدِّ شيءٍ يمنع خروج هذه النجاسة، فإذا فعلتَ ذلك صحّت صلاتُك.

هذا عن موضوع الصلاة، أمَّا قبول الله تعالى للتسبيحات والاستغفار والصلوات والتوبة فهذا أمرٌ غيبيٌّ لا نعلمه، ولكن يجب على الإنسان المسلم أن يُحسن ظنّه بالله تعالى، وأن الله تعالى عفوٌ كريمٌ، غفورٌ رحيم؛ فيؤدي العبد ما طلبه الله تعالى منه من العبادات ويجتهد في تحسين هذه العبادات وإخلاص النيّة لله تعالى بقدر استطاعته، ثم يُحسن الظنّ بالله تعالى أنه سبحانه وتعالى لن يُخيِّبه ولن يردَّ سَعيه سُدىً.

نصيحتُنا لك – أيها الحبيب – أن تستعين بالرُّفقة الصالحة، سواء كانت رُفقة حسِّيَّة بأن تُجالس الناس الصالحين، أو أن تتواصل معهم، وأن تستمع لنصائحهم وتوجيهاتهم، وتقضي أوقاتك معهم عن طريق وسائل التواصل اليوم، وما أسهلها وأكثرها، وأن تستعين بالله تعالى، وتُكثر دعائه في الأوقات كلها، وخصوصًا الأوقات التي يعظُم فيها رجاء الإجابة، كالدعاء بين الأذان والإقامة وحال السجود وفي الثلث الأخير من الليل، أن تُكثر دعائه سبحانه وتعالى أن يُعينك على العفاف، وأن ييسّر لك الحلال.

نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً