الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفكيري غير سليم وغير منطقي، ما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليم...أود أن أستشيركم في مسألة شخصية، أنا فتاة كنت كغيري من الفتيات تحلم بلقاء شريك الحياة المثالي من ناحية الأخلاق وتكوين أسرة.

كنت أحب مشاهدة الأفلام وقراءة الكتب والروايات مع علمي أنها مجرد خيال وليس لها صلة بالواقع، ولكنها كانت تساعدني على تخيل مستقبلي مع رجل ذي خلق ومبادئ.

منذ نحو السنة انقلب كل شيء فقد بدأت المشاكل تدخل بيتنا وأصبح والداي على خلاف دائم ولأسباب سخيفة فلا يمكثان يومًا أو يومين حتى يتشاجرا من جديد، وطبعا نحن الأولاد متضررون لأن كل غضبهما يصب علينا.

منذ ذلك الوقت وقد بدأت فكرتي تتغير عن الزواج وعن وجود شريك مناسب أصلاً حتى أصبحت في هذه اللحظة رافضة تماماً لفكرة الزواج بحجة أنني لا أريد تحمل مسؤولية.

حتى الأفلام والروايات لم تعد تؤثر في، بل أصبحت تثير اشمئزازي، أعلم في داخلي أنه لا يوجد منزل من دون مشاكل ولكن ما يقلقني حقاً هو أنني أصبحت مقتنعة تماماً أنه لا يوجد في هذا الكون شاب يفهمني، ويكون له القدرة على تغيير فكرتي عن الارتباط.

هذه هي الشكلة، فأنا أعلم أن تفكيري غير سليم وغير منطقي، ولكنني لا أستطيع أن أمنع نفسي أو أن أخرج هذه الأفكار من رأسي (حاولت وفشلت).

سأكون ممتنة لأي رد من طرفكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جنّة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الشكر لك مصحوب بالأمل والفرج القريب ابنتي الفاضلة جنة.

بداية: أنت فتاة واعية وناضجة ومتعلمة، وهذه الخلافات والاختلافات التي يواجهها والداك توجد بين الكثير من الآباء والأمهات في الوطن العربي، وأنا أقدر ما تعانينه، وأتمنى أن تخففي من هذه الأحزان والهموم التي تقع على نفسك، وأن تعيشي حياتك وتركزي في مستقبلك، فأنت لست مسؤولة أمام الله عن مشاكل والديك، ومن الأخطاء التي يقع فيها معظم الآباء أن مشاكلهم تكون معروضة للنقاش أمام الأبناء دون مراعاة لشعورهم، ومن الواضح أن كلا والديك لا يتقبل طبيعة الآخر رغم أنه من المؤكد أن والديك لديهم لحظات صفاء وهناء وانسجام كثيرة في حياتهم، ولولا ذلك لما استمرت الحياة الزوجية بينهما.

إن كل شيء في هذه الحياة له حل، والإنسان المؤمن ليس عصيًا عن إيجاد الحل المناسب، وكل ما أطلبه منك أن تعيدي التفكير بنمط حياتك ومعرفة واجبك وحقوقك تجاه والديك، وهو أن تبريهما، وأن تتوقفي عن التفكير بالمشاكل لمدة شهر.

أعطي نفسك إجازة، وارمي كل التفكير السلبي الذي يسيطر عليك، وهو أنك فقدت طعم الحياة، لدرجة أنك لا تريدين الزواج؟!

لماذا لا تكونين قدوة مشرقة لأخواتك وإنقاذهم قبل أن يسيطر الهم والغم واليأس عليهم، وعندما يرونك أنك غير متأثرة بمشاكل والديك، وهذا ليس معناه اللامبالاة، بل على العكس من أجل النجاة والعيش في هذه الحياة، والقيام بدورك الذي خلقنا الله من أجله، وهو العبادة، وعمارة الكون من خلال العلم والعمل، والتميز والارتقاء.

لا يجوز أن تقضي حياتك كلها وأنت تفكرين بمشاكل، فلا تحملي نفسك ما لا طاقة لها، فالحياة نعمة من الله وجميلة، فلا تنظري للحياة نظرة سوداوية قاتمة، ولا تعكري صفوها بمشاكل والديك.

وإليك أميرتي هذه النصائح من قلب مُحب:
خصصي وقتًا لنفسك من أجل تطويرها واكتساب مهارات جديدة، ومن خلال هذه الدورات تتعلمين أمورًا جديدة أنت بحاجة إليها ، واعلمي أن المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وكوني متفائلة؛ لأن الحزن والهم يشبه الغيمة التي تحجب عنك التفكير بالحل.

لا تجعلي مشاكل والديك أن تكون محور حياتك ويومك، ولا أن تكون سببًا لإحباطك، بل استفيدي من هذه الخلافات كيلا تكرريها في حياتك الزوجية مستقبلاً، واعلمي أن ما يحصل بين والديك لا يعني أنه سوف يحصل معك.

تقرّبي من الصديقات الصالحات والاستماع إلى مشاكلهم ومشاركتهم بمشاعرك؛ وهذا سوف يخفف من حدة صعوبة المشكلة لديك.

اقرئي الكتب التي تغني فكرك ووعيك بالمعلومات القيمة، والتي تساعدك على معرفة الذات؛ لتعززي ثقتك بنفسك؛ فكلما زادت معرفتك؛ كلما زادت ثقتك بنفسك.

الرضا عن نفسك يحسن من معاملتك مع الآخرين، وتستمتعين أكثر بحياتك، وتذكري أن الرضى يساعدك في تقوية شخصيتك ورفع منسوب الثقة في النفس التي تعتبر من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المسلم.

حددي وقتاً خاصًا لك تمارسين هواية تحبينها أو أي نوع من أنواع الرياضة؛ فهذا سوف يشعرك بالرضى والراحة النفسية.

اهتمي بمظهرك، وتزيني في المنزل، وأحبي نفسك، وحافظي على لياقتك البدنية، واستمتعي بحياتك دون الخروج عن ما حدده الدين والأخلاق.

أكثري من الدعاء لوالديك ولك، وأكثري من الاستغفار، والزمي الطاعات من صوم وصلاة وتلاوة القرآن الكريم.

يُقال:إذا كان لك قلب رقيق كالورد، وإرادة صلبة كالفولاذ، ويد مفتوحة كالبحر، ونفس شغوفة للحياة، فأنت من صناع الأمجاد.

أسأل الله الهداية لكم، وأن تعم المودة والرحمة والرضى قلوبكم.

طمئنينا عنك بنيتي جنة، وبإمكانك معاودة الكتابة إلينا فنحن نسعد بمساعدتك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً