الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لي رجل متزوج وله أطفال.. هل أقبل به؟

السؤال

السلام عليكم

أما بعد فقد تعرفت على رجل في العمل، كان في طور تطليق زوجته، أحببته، دامت علاقتنا سنتين، بعد الطلاق في السنة الأولى طلب خطبتي، ولكن لظروف عائلية طلبت منه تأجيل ذلك (أختي أكبر مني سنا فأنا عمري 32 سنة، وهي34 سنة، غير متزوجة، ولا تقبل أن تتزوج إحدانا قبلها أنا وأختي الصغرى، يعني ستحاول الانتحار، وتظل تبكي الليل كله، وتحرر أجواء فرحة الزواج ).

المهم طلبت منه أن ينتظر حتى تتزوج أختي فقبل، مع العلم أن لديه طفلان، وزوجته إلى الآن تكلمه ما يزيد عن 4 مرات في اليوم بسبب الأطفال تنكد عيشته، كل يوم تتصل لأسباب تافهة، ابنك لا يريد أن يدخل للحمام، أو لا يريد أن يذهب للدكان ليجلب لي كذا، وتتركهما عنده بـ15 يوما، وتطلب مصاريف كثيرة، ضقت ذرعا من تصرفاتها، وعدم إعطاءها قيمتي، يقول لي أنه يتحدث معها بسبب الأطفال لا غير أطفاله، وسنهما الأول16 سنة، والآخر 13سنة.

خلال هذه المدة أي السنة الثانية اكتشفت أن أخطاء زوجته وسلوكياتها كلها ينسبها لي، إذ لا يقدر أن يعاركها خوفا من أن تمنع الأطفال من رؤيته، يشك بي دائما، ويتهمني بأنني سهلة المنال من طرف الرجال، ويمنعني من الخروج بعد المغرب، قطع علي الصديقات والخروج معهن، يعني اكتشفت أشياء لا تطاق، ولكني أشعر بالذنب إذا ابتعدت عنه يقول لي أنا انتظرتك حتى تتزوج أختك، وفي الآخر تقولين كذا وكذا.

أختي لم تتزوج بعد، ما نصيحتكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول:
فبناء أي علاقة مع رجل قبل العقد تعد مخالفة لشرع الله تعالى إذ أنك تعدين أجنبية بالنسبة له، فلا يصلح أن تبقي العلاقة كما هي، ولا يدرى ما العوائق التي قد تحول بينك وبين الزواج به فقد يصرفه الله عنك في أي لحظة.

هذه العلاقة تنمي الحب بين أصحاب العلاقات ثم يؤول ذلك الحب إلى حسرة وندامة وحزن واكتئاب إن لم يحصل للنفس مرادها، ولذلك قصر الشرع الحب بين الزوجين فقط.

من العادات السيئة في بعض البيوت منع البنت من الزواج قبل أن تتزوج أختها الكبرى، والواجب أن تزوج من أتى نصيبها لأن الكبرى لا يدرى هل تتزوج أم لا، فإذا كان الله قد قدر أنها لا تتزوج، فلم تحرم الأخريات من الزواج.

رغم أن هذه العلاقة التي بينك وبين هذا الرجل إلا أنه من فضل الله عليك أن عرفك على بعض صفاته التي تجعلك تراجعين حساباتك.

أوصيك أن تبحثي جيدا عن أسباب تطليقه لزوجته الأولى فلعل ذلك ناتج عن شدة غيرته أو شكه ووسوسته، فإن كان كذلك، فلا أنصحك أن ترتبطي به؛ لأن هذه الصفة تؤدي في الغالب إلى الطلاق.

لا يحق له أن يمنعك من الخروج لقضاء حاجياتك، ولا أن يمنعك من الالتقاء بصديقاتك الصالحات؛ لأنه لا سلطان له عليك بعد ولا طاعة له.

عليك أن تتأني في مسألة الارتباط به، وفكري في ذلك بعقل واتركي المشاعر جانبا؛ لأنها لا تعطيك التصور الصحيح الذي يوصلك إلى القرار الصحيح.

كيف يستجيز أن ينسب مشاكله التي بينه وبين زوجته إليك، فهل هذا من الإنصاف فما دخلك أنت بزوجته أو بمشاكله معها.

اعلمي أن الزواج رزق من الله تعالى يسير وفق ما قضاه الله وقدره، فإن كان هذا الرجل من نصيبك، فسييسر الله لك الزواج به، وإن كان ليس من نصيبك، فلن تتمكني من الزواج به مهما بذلت، ثم إن الزواج لا يأتي بشدة الحرص، ولا يفوت بالترك فمن كتب الله له أن يتزوج فسوف يتزوج والرزق يسعى بعد العبد كما يسعى العبد بعده.

شريك حياتك لا بد أن تتوفر فيه الصفات التي أرشدنا إليه نبينا عليه الصلاة والسلام في قوله: (إِذَا جَاْءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِيْنَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوْهَ إِلَّا تَفْعَلُوْا تَكُنْ فِتْنَةٌ فَيْ الأَرْضِ وَفَسَاْدٌ كَبِيْرُّ)، فالدين والخلق صفتان متلازمتان لا تنفكان أبدا، وهما صمام أمان للحياة الزوجية السعيدة، وصاحب الدين والخلق إن أحب زوجته أكرمها وإن كرهها سرحها بإحسان.

من خلال تصرفات هذا الرجل يبدو أنه تنقصه هذه الصفات، ولو كان صاحب دين لما سمح لنفسه أن يبني معك علاقة خارج إطار الزوجية، ولا بقي يتواصل مع طليقته خاصة أن أبناءه كبار.

قولك: (إنك تشعرين بالذنب اذا ابتعدت عنه وأنه يقول لك أنا انتظرتك حتى تتزوج أختك وفي الآخر تقولين كذا وكذا) هذا كلام عاطفي محض، فلا ذنب عليك إن تركته، بل الواجب قطع التواصل معه كما ذكرت لك سابقا.

أوصيك أن تجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح، فقوة الإيمان والعمل الصالح من أسباب جلب الحياة الطيبة كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى، وتحيني أوقات الإجابة، وسلي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في هذه الحياة.

أكثري من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

لا تربطي نفسك بهذا الرجل، بل إن أتاك من يتصف بالديانة والخلق فاقبلي به.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً