الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أذنبت وتبت، لكن الضمير لم يرتح بعد.

السؤال

السلام عليكم.

وقعت منذ سنة في ذنب عظيم، ولله الحمد تبت توبة صادقة دون عودة، ولا توجد أية نية للعودة لهذا الذنب، ولكن أشعر بتأنيب الضمير عند الجلوس مع أهلي، وأشعر بالخجل وشعور العار، رغم أن الله ستر علي، ولا يعرف أحد ما فعلته، هذا الشعور جعلني أكره الجلوس معهم، وأشعر بالغضب تجاه نفسي، حتى لاحظوا عدم جلوسي معهم وظنوا أنهم أزعجوني، أو أنني متضايق منهم.

الذنب هو حق لله فقط، لم أؤذ شخصا آخر (غير نفسي طبعا)، وأرجو مساعدتكم كيف أتخلص من هذا الشعور؟ كيف أتواصل بشكل أفضل معهم؟ هم الآن يستغربون من أي شيء أفعله معهم مثل الجلوس معهم أو الضحك والمزاح، ويعايبونني أنني لست دائما معهم، وهذا يضايقني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مسعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي العزيز: أنت أذنبت وما حدث أصبح من الماضي، وقد تبت إلى الله توبة نصوحا، والسؤال المطروح الآن: هل في ابتعادك عن أهلك وعدم جلوسك معهم، ستشعر بأنك تُكفر عن ذنبك؟ بالطبع لا، إذاً ما تقوم به ليس له علاقة بالذنب الذي اقترفته، إذا كان الوحيد الذي يعلم بالموضوع هو أنت فما الهدف من تصرفاتك الحالية مع أهلك؟ إضافة إلى أنك شعرت بتأنيب الضمير وهذا يدل على الاعتراف بالذنب.

ثق -يا أخي- أن الله - جل جلاله - منح التائبين منحة عظيمة. قال تعالى:" إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا"، وقال -عليه الصلاة والسلام-:" التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، وقال -جل وعلا-:" وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، فبين سبحانه أن التائب مفلح.

وللتوبة ثلاثة شروط، هي: 
الشرط الأول: الندم على ما فعله المذنب.
الشرط الثاني: الإقلاع عن الذنب، خوفاً من الله وتعظيماً له.
الشرط الثالث: العزم الصادق ألا يعود ويذنب ثانية.

وفيما يلي بعض الإرشادات العملية التي سوف تساعدك -بمشيئة الله- في التخلص مما تشعر به:
- فكر بطريقة تتناقض مع مشاعرك، فلا تفكر كثيراً في الذنب بعد أن تبت إلى الله، بل فكر في كيف تعبد الله حق عبادته.
- اجلس مع أهلك، وفي البداية سوف تجد ذلك صعباً عليك، ولكن جاهد نفسك على ذلك، وسترى مرة تلو الأخرى أن مشاركتك لأهلك تخفف من مشاعرك السلبية تجاه نفسك.
- لا تحاول أن تصارح أهلك بما اقترفت من ذنب، أو أن تلمح لهم. أو أن تعرف رأيهم بنوع الذنوب التي تشبه ما قمت به.
- مارس أي نشاط محبب لديك (قراءة، رياضة ...) عندما تتذكر الموقف الذي مريت به في السابق.
- واظب على الاستغفار وقراءة القرآن، فبذلك تطمئن نفسك.قال الله تعالى: [الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ].

وفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً