الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف التخلص من داء الذهان والوسواس القهري؟

السؤال

السلام عليكم.

أخي بعمر 21 سنة، بدأت تراوده مخاوف وسواس عن الأمراض، لكنها لم تكن ملحة بشكل كبير، ومزاجه حاد، وبسبب عدم الوعي فقد تغاضينا عنها.

بعد مرور عام تقريباً، قام بأفعال غريبة وفيها نوع من العنف، قام بأخذ أحد زملائه إلى منطقة بعيدة وهدده بالقتل حتى يعترف من الذي قال: (بأن أخي الآخر شاذ)؟ وفي نفس السنة حصل له حادث السرعة تجاوزت 200، والحمد لله خرج سالماً بعد الحادث، فكان واعياً ولم يغم عليه أبداً.

قام بالفحوصات، وقال: إنه كان ينطق بالشهادة من شدة الحادث، بعدها تسارعت الأفكار وأصبح يشك بالجيران والأهل والأصدقاء أنهم ينوون له الضر أو لعائلته، وكان يشك بأي طائرة أنها تخص المخابرات وتتجسس عليه، ووصل به الأمر بأن يتوهم أن هناك علاقات محرمة داخل البيت، ولم يخرج نفسه من دائرة الشك أيضاً.

عرض على طبيب نفسي شخص بالذهان ووصف له (زيبركسا 15 م.غ) ( أنفيجا 3 م.غ)، كان التحسن سريعاً ولله الحمد، لكن أثر زيبركسا عليه بالسمنة والتبلد والشرود.

لذلك قام الطبيب بتخفيض الجرعة تدريجياً واستبدالها بأنفيجا حتى وصلنا للشهر السادس وتم إيقاف زيبركسا نهائياً، واستقر على أنفيجا (6م.غ)، وبعد شهر بدأت عنده وساوسه القديمة عن الأمراض والموت، لكنها كانت بشكل ملح جداً جداً ومقلق جداً جداً.

أرجع الطبيب زيبركسا 20 وسيبرالكس 10، واقترح علينا زولفت أو بروزاك، لكن خفنا من آثارهم الجانبية، الوضع متحسن ومستقر.

ما هو تشخيص الحالة؟ وهل خطة العلاج سليمة؟ وهل تسبب له أفكارا انتحارية؟ علماً أنه لنا تاريخ بالوسواس القهري ومشاكل أسرية منذ طفولتنا وفيه عنف يصل إلى استخدام السكين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم آمنة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، أسأل الله تعالى لهذا الشاب الشفاء والعافية.

حالته واضحة جدًّا، جوهر المرض الذي أصابه هو ما يُسمَّى بالذهان الباروني أو الذهان الاضطهادي، وهو حالة من الشكوك الشديدة والمُطبقة والتي لا تنقل الحوار ولا المنطق.

مرحلة ما قبل الذهان قد تحدث فيها أعراض، كالقلق، وكالمخاوف، شيء من الوساوس، شيء من التوترات، حدة في المزاج، وهذا هو الذي حدث لهذا الشاب – حفظه الله – يعني: هنالك مرحلة ما قبل الذهان ثم مرحلة الذهان، وتُوجد أيضًا مرحلة ثالثة وهي مرحلة ما بعد الذهان. فهذا الشاب استجاب للدواء بصورة ممتازة لكن ظهرت لديه الوساوس والمخاوف مرة أخرى، وهذا ليس بالأمر المستغرب أيضًا، بعض الحالات تكون هنالك أعراض ثانوية، قد تكون اكتئابية أو قد تكون مزاجية أو وسواسية أو شيء من المخاوف والقلق.

هذا الشاب يحتاج لرعاية طبية نفسية، والحمد لله أنتم تعيشون في دولة قطر، والخدمات النفسية متميزة جدًّا، فأرجو المواصلة مع طبيبه، هذه أهم نصيحة أنصحكم بها، وأرجو أن نكون حريصين جدًّا أن نتأكد أنه قد تناول دوائه حسب الخطة العلاجية والجرعة الموصوفة. تناول الدواء يضمن لنا البناء الكيميائي الصحيح في الجسم، وهذه هي الوسيلة التي من خلالها إن شاء الله تعالى يتم التحكم التام في هذه الأعراض.

أتفق معكِ أن عقار (زبركسا) المتميز في علاج الذهان، لكنّه قد يؤدي إلى زيادة في الوزن لدى الكثير من الناس، وهذا يُنفّر من هذا الدواء.

أنا أعتقد أن هذا الشاب قد يحتاج أن يُواصل الـ (إنفيجا) ويمكن أن تُحوّل إلى إبر مرة كل شهر، والحمد لله هي متوفرة وموجودة في قطر، بالرغم من أنها مكلفة بعض الشيء، لكن بالنسبة للمقيمين التكلفة بسيطة جدًّا.

عمومًا أنا أرى أن طبيبه جزاه الله خيرًا وضع له الخطة العلاجية الصحيحة، والتي أقرها تمامًا.

إضافة السبرالكس أو الزولفت أو البروزاك قرار أيضًا سليم وصحيح، وقد يكون البروزاك أفضل؛ لأنه لا يؤدي إلى زيادة في الوزن.

بعد أن تستقر أحواله أعتقد أن الطبيب سوف يُخفض الزبركسا، وربما يكون قرار الطبيب في نهاية الأمر أن يستمر على الإنفيجا في شكل إبر، أو جرعة تكون أكبر قليلاً من الستة مليجرام.

عمومًا الخط العلاجي صحيح وممتاز، وأرجو أن تستمروا عليه، وإن شاء الله لن تأتيه أفكار انتحارية، وبجانب العلاج الدوائي لابد أن نحاول علاجات تأهيلية مع هذا الشاب: أن يمارس الرياضة، أن ينظم وقته، أن يكون شخصًا فاعلاً، ألَّا يكون مُهمَّشًا، يا حبذا لو واصل دراسته، أو دخل في ميدان العمل، حتى ولو كان عملاً بسيطًا، الاهتمام بالنظافة الشخصية أيضًا مهمٌّ جدًّا، أن نساعده على ترتيب نومه بأن يعتمد على النوم الليلي، ويتجنب النوم النهاري، التواصل الاجتماعي ... كل هذه أمور مهمة في حياة هذا الشاب، وتؤهله نفسيًا واجتماعيًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً