الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أريد أن أتوب من محادثة فتاة لكنها تهددني بفضحي، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا شاب تعرفت على فتاة على مواقع التواصل وبعد فترة وقعنا - للأسف الشديد - في شر المحادثات الجنسية. أريد التوبة الآن، وعندما أخبرتها هددتني بفضحي، فبماذا تنصحون؟

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صلاح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك – ولدنا الحبيب – في استشارات إسلام ويب، وفرحنا كثيرًا حينما قرأنا أنك قررت التوبة، وهذا من عظيم فضل الله تعالى عليك ورحمته بك، أن شرح صدرك للتوبة، وهي علامة -إن شاء الله- على إرادته أن يغفر لك، فقد قال الله تعالى عن بعض من وقع في ذنب من أصحاب رسول الله: {ثم تاب عليهم ليتوبوا}، فشرح الصدر للتوبة، وبداية التفكير في التوبة علامة على إرادة الله تعالى خيرًا بالإنسان، فسارع بالتوبة إلى الله، والتوبة تعني الندم على ما فات، والعزم على عدم الرجوع إليه في المستقبل، مع تركه في الحال.

فإذا تاب الإنسان إلى الله تعالى فإن هذه التوبة تمسح الذنوب التي كانت قبلها، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه ابن ماجه: ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له))، والله يقبل بتوبة العبد ليُحسن إليه ويُجازيه بتوبته، فإنه يُبدِّل سيئات التائب حسنات، ويفرح بتوبة عبده، كما أخبر بذلك رسولُه صلى الله عليه وسلم.

فبادر بالتوبة وسارع إليها قبل أن يُحال بينك وبينها، فإن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يُقلِّبُها كيف يشاء، ولا تُبال بتهديد هذه الفتاة لك، فإنها لن تقدر على ضرِّك، والله تعالى يتولى أمرك، وتهيدُها لك دليلٌ على قُبحها وقُبح أخلاقها، فإن الصورة المفترضة هي عكس ذلك، أن يكون الشاب هو الذي يُهدد الفتاة بالفضيحة، ولكن هذا دليل على انتكاستها ودافعٌ لك أن تُبادر بقطع العلاقة معها، وسيدفع الله تعالى عنك، وسيصرف عنك الضرر، فلا تُبال بذلك، ولا تجعل من هذه التهديدات حائلاً بينك وبين التوبة وقطع العلاقة بهذه الفتاة.

ثم الاعتذار سهلٌ يسيرٌ -بإذن الله تعالى- فيما لو فكّرت بنشر شيءٍ من تلك المقاطع، وذلك بأن يستعمل الإنسان العبارات المُوهمة، كأن يقول: (التصوير في هذه الأيام سهل والتلفيق أمرٌ يسير)، ونحو ذلك، فلا تُقِرُّ لأحدٍ بما فعلتَ، واستر على نفسك، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر مَن فعل شيئًا من قاذورات الذنوب بأن يستر على نفسه، كما في الحديث في موطأ الإمام مالك: ((ومَن أصاب شيئًا من هذه القاذورات فليستتر)).

نسأل الله تعالى أن يتولى عونك، وأن يثبتك على هذه التوبة، ونُجدد ثانيةً الحثِّ على المسارعة إلى التوبة وعدم التأجيل والتسويف والتأخير، فإن تسويف التوبة من حبائل الشيطان وشِباكه التي يريد أن يصطاد بها مَن شاء أن يصطاده، فبادر بالتوبة إلى الله تعالى وتوكل عليه، والله سبحانه وتعالى كفيل بحماية من يتوكل عليه، فقد قال سبحانه وتعالى: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يتولى عونك، وييسر لك أمرك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً