الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من رهاب اجتماعي لم أجد له حلا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أعاني من الرهاب الاجتماعي منذ سنوات، حاولت أن أخالط الناس، وبالفعل حدث، ولكن لا زلت أرتبك، رأسي يهتز، يداي ترتجفان، دقات قلبي تتسارع، رغم أني أعلم في ذاك الوقت أن لا فرق بيني وبين هؤلاء الناس، لكني أرتبك بشكل غريب، وحتى مع أهلي.

سبق أن تعرضت لحالة اغتصاب من طرف قريب، والكارثة ان أمي رأت ذلك، ولولا فضل الله ثم أنها أنقذتني من ذلك الموقف لكان شأنا آخر، لكن ردة فعلها كانت قوية سببت لي أزمة بعد ذلك، هذا الموقف لا يزال يدور في عقلي إلى اليوم.

ذهبت إلى رقاة، بعضهم يقول مس، وبعضهم يقول عين، والذي أذكره أني في الصغر أو حتى في مرحلة المراهقة كانت أمي تذهب بي الى بعض السحرة الذي يعالجون المرضى بالسحر، لم أكن أعرف ذلك إلا عندما كبرت، أحدهم قال أني مصابة بأعين كثيرة، وإحداهن كانت تقرأ تمتمات، والله المستعان أسأل الله أن يغفر لنا ما مضى.

حاولت أن أتخلص من الرهاب الاجتماعي، فذهبت إلى كوتش، ولكن لا فائدة، والمشكلة أن المنطقة التي نحن فيها لا يوجد فيها أطباء نفسيون، قد نجد استشاري، ولكنه غير متمكن، يأخذ منك ذلك المبلغ وذاك عهدك به.

انضممت إلى حلقات تحفيظ، هذه مدة طويلة، ولكن الرهاب لا يزال يحرجني في كل مرة، والله المستعان.

قررت أخيرا أن أتواصل مع أحدهم في موقع شيزلونج، لكني مترددة ما الذي سيفيده الكلام؟ وأنا لا أبالغ إن قلت أني قرأت كل ما يخص القلق وموضوع الرهاب الاجتماعي.

أرفض الخطاب لأجل أني لا أستطيع أن أنظر إلى أحدهم.

أرشدوني دلوني على علاج سهل الله لكم طريق الجنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبدالله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأؤكد لك أنني قد اطلعت على رسالتك بكل تفاصيلها، وإن شاء الله حالتك بسيطة. أنت بالفعل لديك قلق المخاوف ذي الطابع الاجتماعي، وأحد الأسباب الرئيسية في اكتسابك لظاهرة الخوف هي حادث الاغتصاب التي صرفها الله عنك برحمته ولطفه، والذي حدث لك كنتيجة أو إفرازات لهذا الحدث النفسي الكبير أنك قد أصبت بما نسمّيه بـ (عصاب ما بعد الصدمة)، وأنت ذكرت نقطة مهمة، وهي أن هذا الموقف لا زال يدور في عقلك إلى اليوم، ردة فعل الوالدة القوية الناتجة من ذاك الحدث.

إن شاء الله تعالى أمورك سوف تتحسَّن، يجب أن تقيّمي الأمور بمقاييس الحاضر والمستقبل وليس الماضي، الماضي قد انتهى، والماضي هو مستقبل الحاضر، لذا يجب أن تعيشي الحاضر بقوة وثقة، والآن أنت في مرحلة البصيرة والإدراك التامَّين، حادثة الامتهان الجنسي والقدر الذي وقع عليك من الاعتداء كنت أنت فيه الضحية حقيقة، وليست معتدية، ويُفهم أن في مثل عمرك حين حدث هذا الحادث الأمور غير مفهومة كاملة، كما أن الطفل لا يستطيع أن يُدافع عن نفسه.

أنا أريدك الآن أن تعيشي الحياة بقوة، وبثقة، وبإيمان، وبنظرة إيجابية، وأملٍ ورجاءٍ نحو المستقبل. هذا هو المطلوب منك، وأعجبني كثيرًا أنك قد التحقت بحلقات التحفيظ، هذا أمرٌ ممتاز، أرجو أن تستمري في ذلك، وكوني فعّالة ونشطة في داخل الأسرة، يجب أن تكوني صاحبة مشاركات، يجب أن تمارسي أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، كرياضة المشي مثلاً، وأريدك أيضًا أن تُطبّقي تمارين استرخائية، هنالك تمارين التنفّس المتدرج، وتمارين قبض العضلات وشدِّها وإطلاقها، وتوجد الحمد لله الآن وسائل إلكترونية كثيرة جدًّا للاسترشاد وتعلُّم هذه التمارين، على اليوتيوب توجد برامج كثيرة جدًّا عن الاسترخاء، فأرجو أن تفتحي أحد هذه البرامج وتتبعي التعليمات والإرشادات الواردة فيه، كما أن إسلام ويب أعدت استشارة رقمها (2136015) يمكنك الاستفادة منها جدًّا باتباع ما ذكرنا فيها من إرشاد، وتطبقيه كما هو مطلوب وبحذافيره، وإن شاء الله تعالى هذا سوف يعود عليك بخير كثير.

أنقل لك بشرى كبيرة جدًّا، وهي: أن الأدوية تفيد كثيرًا في مثل حالتك أيضًا، الأدوية المضادة لقلق المخاوف والمُحسّنة للمزاج سوف تساعدك. وعقار مثل (سيرترالين) والذي يُسمّى تجاريًا (زولفت) ويُسمّى (لوسترال)، وربما تجدينه أيضًا تحت مسمى تجاري آخر في بلدكم، هذا دواء متميز جدًّا لعلاج مثل حالتك، وبفضل الله تعالى الدواء غير مُدمن، ولا يؤثّر على الهرمونات النسائية، فقط يمكن أن يفتح الشهية قليلاً نحو الطعام، فإن حدث لك شيء من هذا فأرجو الحذر من زيادة الوزن.

الجرعة في حالتك هي جرعة صغيرة إلى متوسطة، تبدئين بجرعة خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك تجعليها خمسين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، ثم تجعلين الجرعة مائة مليجرام يوميًا - أي حبتين في اليوم - تتناولينها بصورة منتظمة، ليلاً أو نهارًا، استمري على هذه الجرعة العلاجية لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضيها إلى حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعليها نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا - يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أؤكد لك مرة أخرى أن الدواء سليم وفاعل، وأن فعالية الدواء تعتمد على الالتزام التام بالجرعة حسب المدة المطلوبة، لأن هذه الأدوية تعمل من خلال البناء الكيميائي، كما أن العلاج الدوائي لابد أن يُدعم تمامًا بالعلاج النفسي والعلاج الاجتماعي والعلاج الإسلامي الذي أشرنا له مجملاً فيما سبق.

أسأل الله لك العافية والشفاء، بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً