الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القلق دمر حياتي وعكر علي صفوها.

السؤال

السلام عليكم.

أنا أعاني من القلق في كل شيء، الأمر الذي عكر حياتي؛ حيث أنني دائما أشعر بالحزن، والرغبة بالبكاء، والخمول والتعب حتى من غير أن أعمل أي شيء، والأمر الذي يقلقني أكثر وسبب لي القلق أكثر كيف سأهتم بمنزلي عندما يصبح لدي أطفالا؛ لأني أصلا أستغرق وقتا وأنا أنجز أعمال منزلي وزوجي قال لي: أنك بطيئة جدا بإنجاز أعمال المنزل، وقال مازحا عندما يصبح لدينا طفل فإنك لن تستطيعي عمل شيء مما سبب لي الخوف.

وأنا أيضا أعاني من الوسواس القهري، وكنت أراجع قبل عدة سنوات عند طبيب نفسي، وتحسنت الآن منه ولكنه لم يزول بالكامل، الوسواس ليس هو مشكلتي لأنني تحسنت كثيرا منه، بل ما ذكرته في أول رسالتي قرأت عن زولفت في موقعكم، وبالفعل بدأت بأخذه منذ قرابة شهر، أتناول حبة في اليوم، وتحسنت وأحسست بشيء من النشاط والراحة، لكن منذ عدة أيام أشعر أن الحالة بدأت تعود ولكن بشكل أخف، مع أنني في الأصل لم أتحسن بشكل كامل ولكن هناك فرق.

والمشكلة أيضا أنني أصبحت أشعر بالجوع وآكل كثيرا مما زاد من وزني، وهو ما لم يعجب زوجي، فهل الشعور بالجوع سيستمر؟ والآن لا أستطيع أن أزور الطبيب النفسي أرجو منكم أن تساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأرحب بك في الشبكة الإسلامية.

القلق طاقة إنسانية مهمَّة جدًّا له من أجل أن ينجح، لكن القلق قد يتراكم، قد يحتقن، قد تزيد كميته عن المعدّل المطلوب، أو قد يُوجِّهه الإنسان في اتجاهات خاطئة ممَّا يجعله يتحوّل إلى قلق مُزعج وقلق مرضي.

أنا الذي أراه – أيتها الفاضلة الكريمة – أنك إن شاء الله تعالى بخير، لديك إيجابيات كثيرة جدًّا، الذي يُزعجك هذا هو درجة من القلق الاكتئابي، القلق ظلَّ معك لفترة كما تفضلت، وحدث له احتقان، وهذا الاحتقان أدى إلى عُسرٍ مزاجي، وهذه الحالة نُسمِّيها بـ (القلق الاكتئابي البسيط).

أريدك أن تكوني إيجابية التفكير، وكما تفضل زوجك الكريم: كوني إنسانة يقظة، مرتّبة، أحسني إدارة وقتك، وكوني دائمًا في جانب الخير والتفاؤل، الإنسان حين يتغيّر على المستوى الفكري يتغيّر أيضًا على المستوى الأفعال والأعمال والأداء بصفة عامَّة.

أنصحك بالنوم الليلي المبكّر، والاستيقاظ لصلاة الفجر، وأن تبدئي أعمالك المنزلية بعد صلاة الفجر، أو في البكور، هذا وقتٌ فيه طاقات عظيمة، الإنسان حين ينجز في فترة الصباح يُسهّل عليه الإنجاز في بقية اليوم، وتكون النفس منشرحة، ويكون المردود الإيجابي على النفس كبير جدًّا، وأحسن مكافئة تأتي للإنسان من النفس وليس من الآخرين.

إذًا هذه نصيحتي لك، والوساوس القهري: حقّريها، لا تلتفتي إليها، تواصلي اجتماعيًّا، انشغلي عنها بما يفيد، التواصل الاجتماعي يفيد الإنسان، القراءة، الاطلاع، الرياضة جدًّا، فيجب أن تكون جزءًا من حياتك.

بالنسبة للدواء: الزولفت لا شك أنه دواء رائع، دواء فاعل. وبالنسبة للجرعة المطلوبة في حالتك هي: مائة مليجرام، حبتان في اليوم، نعم البداية تكون بنصف حبة، ثم حبة، وحبتين، سوف تأتي بأثر علاجي كبير جدًّا عليك، أثر إيجابي.

لكن هنالك إشكالية كما تفضلت وهو أنه بالفعل قد يؤدي إلى فتح في الشهية نحو الطعام، بل بعض الناس – خاصة في النساء – تحدث لهم ظاهرة غريبة، وهي: الشغف في أكل الحلويات، يكون هنالك اندفاع شديد نحو الحلويات، وهذا طبعًا يؤدي إلى المزيد من زيادة الوزن، وزيادة الوزن نفسها تُدخل الإنسان في اكتئاب، وكما تفضلتِ زيادة الوزن التي حدثت لك بالفعل أزعجتك وأزعجت زوجك الكريم.

أنا أعتقد أن عقار (بروزاك) سيكون أيضًا مؤثِّرًا وإيجابيًّا وفاعلاً في حالتك، ولن يؤدي إلى زيادة في الوزن. وإن مارستِ الرياضة قطعًا لن تحدث أي زيادة في الوزن، فيمكنك استبدال الزولفت بعقار (بروزاك)، والذي يُسمَّى علميًا (فلوكستين)، والبروزاك يتميز بأنه يُجدد الطاقات.

الآن أنت تتناولين حبة واحدة من الزولفت، فاجعليها نصف حبة، وفي نفس اليوم ابدئي في تناول البروزاك، بجرعة كبسولة واحدة. استمري على هذا الوضع لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك أوقفي الزولفت تمامًا، وارفعي جرعة البروزاك إلى كبسولتين – أي أربعين مليجرامًا في اليوم – وهذ جرعة وسطية علاجية ممتازة جدًّا، استمري على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى كبسولة واحدة لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعليها كبسولة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً