الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أنا مصاب باضطراب الشخصية المثالية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

أنا شاب عمري 21 سنة، مشكلتي بدأت منذ الطفولة، أذكر عندما كنت في السابعة من عمري كان حذائي مليئا بالطين بسبب الخريف، فجلست ونظفته نظافة شديدة واستغرق مني زمنا، وبعد ذلك فعلت نفس الشيء عند الاستحمام، وفي فترة الأساس كنت متفوقا في دراستي وكنت الأول على فصلي، وكانت فترة الثانوية عبارة عن فشل دراسي، في فترة الثانوية فقدت الدافعية للخروج والجلوس مع أبناء الحي بالرغم من أنني كنت في الأساس أخرج كثيرا، وكنت أمتلك الدافعية.

أصبت بنوبة هلع مرتين وبأعراض اكتئاب ليوم واحد، بعد انقضاء فترة المراهقة وإتمامي العشرين أحسست برغبة واضحة في أن أصبح مثالي في كل شيء، وأن أقرأ كتبا وأعرف كل شيء، وبعد بحثي في النت عرفت أن هذا هو اضطراب الشخصية المثالية، ربما يكون عرضا لمرض الوسواس القهري الذي رافقني منذ الصغر.

عائلتي لديها تاريخ مرضي، وأخي مريض أيضا منذ ست سنوات ولا زال مستمرا في العلاج بالأولانزابين والابليم والكيوسيل، فما هو سبب العزلة الاجتماعية وكيف أحلها، حيث أنني أجلس في المنزل ولا أذهب إلى أصدقائي وعائلتي إلا بسبب أو مناسبة ولا أقوم بأي نشاط؟ لماذا لم أعد أذاكر وأحرز درجات عالية، هل هو كسل أم بسبب مرض نفسي؟ عندما يطلب مني أصدقائي الخروج معهم أتحمس وأفرح، ولكن يأتيني إحساس أو حالة وجدانية إذا استمررت في تحليلها والتفكير فيها لن أخرج، لذلك أخرج على الفور مما يجعلني أصل مبكرا وأنتظرهم حتى يصلوا، هل هو اكتئاب وأي نوع منه؟

جزاكم الله خيرا وسدد خطاكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والتوفيق والسداد.

الأعراض التي لديك فعلاً تُشير على أن شخصيتك تحمل سمات الشخصية الوسواسية المنضبطة، والعزلة الاجتماعية هذه قد تكون ناتجة من قلق اجتماعي توتري، أو ما يُسمَّى بالرهاب الاجتماعي البسيط، وقد يكون أيضًا لديك اكتئاب نفسي من الدرجة البسيطة، والاكتئاب كثيرًا ما يُقلِّل من فعاليات الإنسان، وقد يؤدي إلى الانعزال.

قلّة الفعالية ظهرت في عدم اجتهادك في موضوع المذاكرة، وربما يكون أيضًا الكسل ومطاوعة النفس، وعدم استشعار أهمية العلم وأهمية التميُّز، هذا كلُّه قد يكون أدَّى إلى حالتك هذه.

بالنسبة لحماسك وطرحك حين يطلب منك أصدقائك الخروج معهم: هذا أمرٌ معروف، النفس البشرية جُبلت على التهاون وعلى الأمور غير المُلزمة، ومَن هم في سِنِّك يتأثّرون كثيرًا بالرفاق، أي بزملاء أو الأصدقاء أو مَن هم في عمرك.

فهذا تفاعل إنساني وجداني طبيعي جدًّا، فأرجو ألَّا تنزعج لمثل هذه الظواهر، المهم هو أن تدفع نفسك دفعًا إيجابيًا، أن تنظّم وقتك، يجب أن تنام مبكّرًا ليلاً لتستيقظ مبكّرًا، وتُصل الفجر، وتدرس لمدة ساعة إلى ساعتين قبل أن تذهب إلى الجامعة، هذا مهمٌّ جدًّ، وهذا الوقت – أي وقت البكور – وقت يكون الإنسان فيه في أحسن حالاته الفكرية والاستيعابية.

ممارسة الرياضة في أثناء النهار مهمّة جدًّا، وأنا أنصحك بالرياضة الجماعية، أن تخرج مع أصدقائك وتمارس رياضة، هذا يُذهب عنك الكسل، ويُحسِّن عندك الدافعية، وفي ذات الوقت هو نوع من العلاج الاجتماعي التفاعلي الإيجابي.

يجب أن تحضر صلاة الجماعة، والحمد لله تعالى المساجد في السودان عامرة بالمصلين، صلاة الجماعة تحتسب الأجر، ولا شك أن أجرها عظيم، وبجانب ذلك سوف يحدث لك نوع من التأهيل الاجتماعي الإيجابي، تفاعل جيد إيجابي يُذهب عنك القلق والرهبة والخوف.

لا بد أن تكون لديك طموحات، لا بد أن تكون لك آمال، أنت صغير في السِّن، ربنا حباك بطاقاتٍ كثيرة، فلا تُضيّعها مع الكسل وعدم الفعالية.

أسأل الله تعالى لأخيك العافية والشفاء، وقطعًا الأدوية التي يتناولها تدلُّ أنه يعاني من علّة نفسية رئيسية، فأرجو أن يكون هنالك حرصًا على المتابعة مع الطبيب بالنسبة له، وكذلك الالتزام بالعلاج.

أنت أيضًا محتاج لعلاج دوائي بسيط، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به. عقار مثل (سيرترالين) سيكون مفيدًا جدًّا لك في علاج القلق والتوتر والمخاوف، كما أنه يُحسِّنُ المزاج والدافعية. تبدأ بجرعة نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – ليلاً لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها حبة كاملة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم تجعل الجرعة حبتين يوميًا لمدة شهرين، ثم تخفضها إلى حبة واحدة يوميًا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول السيرترالين.

يُضاف للسيرترالين دواء آخر بسيط يُسمَّى (رزبريادون)، أريدك أن تتناوله بجرعة واحد مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.

هذه الأدوية أدوية سليمة، وفاعلة، وغير إدمانية، أسأل الله تعالى أن ينفعك بها، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً