الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطيبي كثير الخصام، فكيف أتصرف معه؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة مخطوبة، المشاكل بيني وبين خطيبي كثيرة، ولا أعرف سببها، وفي كل مرة يخاصمني ولا يتكلم معي، وأحاول أن أصالحه، ويدعي أن غضبه من عدم ثقتي فيه، وعدم محبتي له، وآخر مرة كنت أتكلم معه هاتفيا، وتركني للرد على خط آخر، وعندما رجع للكلام معي قلت مازحة أنه تأخر علي، وذلك لأنه سألني هل تأخرت؟ فغضب من مزحتي، واتهمني أني أتدخل في أموره، وفي علاقته بأخيه، ولا يجوز لي ذلك، وأنها مشكلة كبيرة، وأنه سيفكر في علاقتنا، وطلب مني أن لا أراسله ولا أتكلم معه، فبماذا تنصحونني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعيد بينكما التفاهم، وأن يُحقق لكما الآمال، وأن يُصلح الأحوال.

لا شك أن مرحلة الخطبة هي مرحلة الاختبار والمعرفة، والخطبة ما هي إلَّا وعدٌ بالزواج لا تُبيح للخاطب الخلوة بمخطوبته، ولا التوسّع معها في الكلام، لكنّها فرصة كبيرة لمزيد من التعارف بين الطرفين، ونعتقد أن الخطبة تبدأ بالموافقة ووجود الميل والارتياح والانشراح المشترك من الطرفين، ثم بعد ذلك من خلال التواصل الذي ينبغي أن ينضبط بضوابط الشرع يحصلُ التعارف الكامل، ونحن لا نفضّل طول فترة الخطبة، بل نفضّل تحويلها إلى عقد زواج، حتى تُتاح فرص أكبر للتفاهم والتقارب.

ولا شك أن كلاً منكما بحاجة إلى أن يفهم الطرف الثاني، ونمط شخصيته، وطريقة تفكيره في الحياة، ويبدو أن الرسائل تصل خاطئة، رغم أنك في الرسالة الأخيرة أنت تمزحين وتقولين: (نعم تأخّرت)، ووصلت إليه الرسالة أنه سيكون من اليوم مُقيّدا، وليس عليه أن يفعل ما يريد، وتحركت عنده: (أنا رجل وأفعل ما أريد وأنظر ...)، وكل الرسائل التي التي تصل بهذه الطريقة تحتاج إلى استيعاب من الطرفين.

ولذلك من خلال المواقف التي حصلت يجب أن تعرفي ما يلي:
أولاً: يجب أن تعرفي ما الذي يُرضي هذا الرجل، وما الذي يُغضبه، ونمط شخصيته، كذلك عليه بنفس الطريقة أن يعرف طبيعة الأنثى، وأن يعرف من بين الإناث طبيعتك أنت التي اختارك، لتكوني خطيبة له ولتكملي معه مشوار ومشروع الحياة الأسري.

ولذلك أرجو ألَّا يكون هنالك استعجال، أمَّا في هذا الموقف فأرجو أن تُسارعي برسالة تعتذرين له فيها أنك لم تقصدي شيئًا، وأن هذا كان نوعا من المزاح، ثم بعد ذلك حبّذا لو تشجّع أو شجّعتيه من أن يتواصل ليعرض لنا الأمر من وجهة نظره أيضًا، وعندها سيجد التوجيه المُقنع من إخوانه ومن آبائه المختصين، والرجال أعرف بالرجال.

والاحتكاكات التي تحدث في مرحلة الخطبة طبيعية، خاصة عندما يكون التواصل كثيرًا، وخاصة عندما يكون التداخل في هذه العلاقات، يعني: ربما ننظر إلى المجتمع، الأنماط الموجودة، ماذا يفعل الخطيب مع خطيبته؟ لماذا هو مقصّر؟ يعني: مسألة المقارنات.

ولذلك نتمنّى أن تُدركا أن مشوار الحياة طويل، وأن الحياة تحتاج إلى أن تبدأ بتفاهمات، ونتمنّى أن يكون الأساس بُني على دين وأخلاق، وهذا هو المهم، وعلى كل طرف أن يُدرك أنه لن يجد شخصا بلا نقائص، فالرجل لا يجد امرأة بلا نقائص، والمرأة لا يمكن أن تفوز برجل بلا عيوب، فنحن بشر والنقص يُطاردُنا، ولكن طوبى لمن انغمرت سيئاتُه في بحور حسناته.

وعلى كل طرفٍ أن يُدرك أنه ليس همَّه بالدرجة الأولى أن يُغيّر ويبرمج الطرف الثاني – كما يُفكّرُ كثير من الشباب والفتيات – ولكن المهم هو الفهم، التنازل، التأقلم، والتكيُّف مع هذا الوضع، ثم التعاون، وصولاً بعد ذلك إلى التآلف، وهذا يحتاج إلى وقت، ويحتاج إلى فهم لطبائع البشر، ويحتاج قبل ذلك وبعده إلى استعانة بالله تبارك وتعالى.

نتمنَّى ألَّا تستعجلا في إتخاذ أي قرار سالب، وتعطيا نفسيكما فرصة، ونكرر دعوتنا لكما بالتواصل مع الموقع، خاصة من جانب الشاب ليذكر ما عنده حتى يسمع التوجيهات، ونسأل الله لنا ولكما التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يُقدّر لكما الخير، وأن يجمع بينكما على خير، وأن يكتب لنا ولكما التوفيق والسداد والسعادة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً