الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من نوبات مفاجئة مع سلامة التحاليل، فما تشخيص حالتي؟

السؤال

السلام عليكم.
أنا شاب عمري ٢٢ سنة، بدأت معي المعاناة عند بدء إجراءات الحجر لكورونا، بدأ عندي شعور بنغزات في الصدر وآلام في البطن، وحرقان وأعراض أخرى لا أذكرها.

ذهبت المستشفى، وبدون فحص كامل قال أني أعاني من غازات وارتجاع في المريء، وأعاني من القولون العصبي، أخذت الأدوية واستمريت عليها ٧ أيام، وبعد ذلك بدأت أشعر أن قلبي يخفق عند الوقوف بدون أي أعراض، قرأت في قوقل عن خفقان القلب الانتصابي، خفت منه، ومن بعدها بدأت معي كل أعراضه، وكنت أذهب للمستشفى ويقولون بأني سليم، ويقيسون لي الضغط جالسا وواقفا، ويقولون تغييرا بسيطا أشرب الماء وأكثر من الملح.

وبعد شهرين من الخوف والتردد على للأطباء كنت في السوبر ماركت، وشعرت بدوخة وخفقان شديد بالقلب وأعراض أخرى، وكأني سأموت، وكنت قبلها أفكر بالأزمة القلبية، وأن قلبي سيتعب من كثرة الخفقان بعد الوقفة، واتصلت على الإسعاف، وبعد الفحص تبين أن كل شيء سليم.

هذه الحالة نوبة هلع، وممكن بسبب نقص الفيتامينات، مع العلم كنت وقتها صائما في رمضان، عملت فحوصات ايكو وتخطيط وجرثومة، وتحليل شامل، وكلها سليمة، ولكن فيتامين د ١٢، وبعد أشهر من المعاناة والتدقيق على النفس، البارحة كنت خائفا لاني عند الانفعال أشعر بقلبي يخفق بقوة، ثم يهدأ فجأة، وأشعر بدوخة، مع ضيق في النفس، فعند أخذ النفس كأن هنالك غصة في القلب تلازمني منذ ٤ أيام تقريبا، خرجت بعدها لأقضي لي مشوارا، وشعرت بنغزة في القلب وتخرج من الظهر، وخفت كثيرا، وبدأت أشعر بأعراض أزمة قلبية، فاتصلت على الإسعاف وعملت تخطيطا وقالوا بأني سليم!

فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
حالتك حالة نفسية مائة بالمائة، لا علاقة لها بأمراض القلب أو بالسكتة القلبية، الذي حدث لك بالفعل هي نوبات فزع وهرع، والذي يظهر لي أن الخوف من الكورونا والحجر الذي نتج عن هذه الجائحة وتعطيل حياة الناس ولَّد لديك طاقاتٍ نفسيّة سلبية داخلية، وهذه ظهرت بعد ذلك في شكل نوبات هلع وفزع، وأصبحتَ تُعاني من قلق المخاوف الوسواسي من الدرجة البسيطة.

من المؤكد أن شخصيتك أصلاً ربما يكون لديها ميول للقلق النفسي البسيط.

هذا هو تشخيص حالتك، وأرجو أن تقتنع أن كل الذي تعاني منه هو حالة نفسية بسيطة قلقيّة، ويجب أن تتجاهلها، وألَّا تشغل نفسك بها، وأن تعيش حياة صحيّة، والحياة الصحية تتطلب: ممارسة الرياضة، النوم الليلي المبكّر، تجنب النوم النهاري، إدارة الوقت بصورة ممتازة، الصلوات تكون في وقتها، الحرص على الأذكار، خاصة أذكار الصباح والمساء، وأن يكون لك ورد قرآني يومي، أن تكون لك صداقات إيجابية، أن تُرفِّه عن نفسك، أن تبرَّ والديك، وأن يكون لك خُطط مستقبلية، تكون لك مشاريع حياتية، طبعًا التميُّز الدراسي لابد أن يكون هدفًا من أهدافك، أنت في الوظيفة كتبت (عاطل)، لكن من المفترض أن تكون الآن في المراحل الأخيرة من الجامعة.

فيا أيها الفاضل الكريم: اجعل لحياتك هدفا بل أهدافا، وهذا ينقلك تمامًا من هذا الانشغال والقلق والتوتر حول صحتك وحدوث نوبات الفزع هذه، الرياضة يجب أن تكون جزءًا مهمًّا في حياتك، تطبيق تمارين استرخائية باستمرار – تمارين التنفّس التدرُّجي، تمارين قبض العضلات وإطلاقها – وذلك بجانب التدبّر والتأمُّل الذهني الإيجابي، والدخول فيما نُسمِّيه بالاستغراق الذُّهني، يمكن أن تقرأ عن هذا.

هذه هي نصيحتي العلاجية لك، وأرجو ألَّا تتردد على الأطباء، لا تتنقّل بين الأطباء، الذهاب إلى طبيب الأسرة مثلاً مرة واحدة كل ستة أشهر في مثل حالتك يكفي تمامًا، وذلك من أجل إجراء الفحص السريري الإكلينيكي وإجراء الفحوصات الطبية العامّة.

هذه هي المبادئ العلاجية السليمة التي يجب أن تتبعها، وأنت محتاج لعلاج دوائي، إن كان بالإمكان أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أمرٌ جيد، وإن لم يكن ذلك ممكنًا فأنصحك بتناول دواء يُسمَّى علميًا (استالوبرام) ويُسمَّى تجاريًا (سبرالكس)، وربما تجده تحت مسمّى تجاري آخر، دواء رائع، دواء سليم، فاعل، غير إدماني، ويُعرف عنه أنه يُحسِّنُ المزاج، ومن أفضل الأدوية لعلاج نوبات الهرع والفزع والوسوسة.

تبدأ في تناول السبرالكس بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تتناولها بانتظام لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم ارفع الجرعة إلى عشرين مليجرامًا يوميًا، وهذه هي الجرعة العلاجية الكلية، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك انتقل إلى الجرعة الوقائية، بأن تخفض جرعة السبرالكس إلى عشر مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم أوقف الدواء تدريجيًا؛ بأن تجعل الجرعة خمسة مليجرام يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول السبرالكس.

إذًا هذه خُطتك العلاجية من حيث الإرشاد النفسي والاجتماعي والإسلامي، ووصفنا لك الدواء المطلوب، أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً