الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفتاة التي أنوي خطبتها لا تريد أن تتحجب.. ماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا شاب أبلغ من العمر ٢١ عاما، وأريد أن أطرح قصتي بكل اختصار، بأني قد أحببت فتاة معي بالجامعة، وهي أحبتني أيضاً، ونريد أن نكمل علاقتنا معاً بالحلال -إن شاء الله- ونحن متفقون على كل شيء، وحتى أن أهلها وأهلي يعرفون بعضهم ويعرفوننا جيدا، وقد أحببت هذه الفتاة حباً شديداً، ولكنها فعلت شيئاً لم أتوقعه أبداً، وأنا لا أحبه، وهو خلعها لحجابها، وهذا الشيء لا أحبه إطلاقاً، وقد تحدثت معها مراراً وتكراراً في هذا الشأن، ولكن بلا جدوى، فقد حدثتها في هذا الامر كثيراً، ولكنها لا تريد العودة.

واستمررت بالحديث معها وأقنعتها واتفقنا على الحجاب بعد الخطبة، ولكن بعد فترة غيرت رأيها واستمرت المشاكل، وتحدثت معها للمرة الثانية ، ووافقت وقالت إنها ستحاول جدياً في الأمر، وكان هناك تحسن ملحوظ، ولكنها غيرت رأيها أيضاً، والمرة الثالثة نفس الشيء، وفي المرة الرابعة تحجبت فترة، ثم بعدها عادت وأصرت أنها لن تعود إليه.

لقد مللت من هذا، وحاولت أن أقنعها، وأنا أحبها فعلاً، وفي نفس الوقت لا أحب أن تكون زوجتي المستقبلية بهذا الحال، وأن تكون غير محجبة، ولكنها لا تريد أن تحاول من الأساس، والآن لا أعرف ماذا افعل؟

أنا أحبها فعلاً ولكن إذا تقبلتها هكذا، فلن أرتاح وإذا حاولت أن أجعلها تتحجب فلن تقتنع، ولن يحدث شيء، فماذا أفعل؟ لأنني بالفعل قد مللت مما يحدث، وفي نفس الوقت لا أحد منا يتحمل فراق الآخر، فكلانا يحب الآخر جدا، ولكنها لا تحاول على الأقل إرضائي في هذا، وهي تعلم كم هذا الأمر أساسي بالنسبة لي.

هذه هي قصتي، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زياد خضر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال قبل اتخاذ القرار النهائي، ونسأل الله أن يكتب لك السعادة والاستقرار.

لا يخفى عليك أن وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لكل مَن يتقدّم لفتاة هي الدِّين، حيث قال: ((فاظفر بذات الدين))، والدّين هذا مظهر ومخبر، وأمر الحجاب في الدين ليس أمرًا للمشاورة أو للخيار أو للقبول به أو للرفض، بل هذا أمر الله تبارك وتعالى، {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضلالاً مبينًا}.

وعليه: ينبغي أن تعرف هذه الفتاة أيضًا أن التزامها بالحجاب فيه طاعة لربِّها، وفيه دليلٌ على صدق قبولها بك، وصدق ارتياحها لهذا الشرط، بل ينبغي – وهي مَن ترتدي الحجاب – أن تؤمن بذلك، وأن تقتنع بذلك، وأن تسلِم تسليمًا، قال تعالى: {فلا وربِّك لا يؤمنون حتى يُحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممَّا قضيت ويُسلِّموا تسليمًا}، فبمجرد الحرج في الحجاب أو في أي شيء شرعه الله تبارك وتعالى هذا يُدخل الإنسان في إشكال.

وعليه: ننصحك بأن تكون حاسمًا في هذه المسألة، وتصلها رسالة عن طريق أخواتك – أو عمتك أو الوالدة – أنك تُريدها، وأنك ترغب فيها، وأنك كذا، لكن لا يمكن أن تقبلها إلَّا بعد أن تُطيع ربَّها بالحجاب، إلَّا بأن تُطيع ربّها بالالتزام بالحجاب، هذه الرسالة ينبغي أن تصل بهذا الوضوح، ثم عليكم أن تتوقفوا تمامًا، حتى تصلوا في هذا الأمر إلى الوضوح، وأعتقد هنا أن هذا اختبار لجدّيتها ولصدق رغبتها، وقبل ذلك لطاعتها لربِّها تبارك وتعالى، حتى لو رضيت أنتَ فمن الذي يسمح لها أن تترك الحجاب؟!

لذلك: الأمر ينبغي أن يُحسم بهذه الطريقة وبهذا الهدوء أيضًا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُقدّر لك ولها الخير ثم يُرضيك به، ولا خير في علاقة لا تُراعي الحجاب ولا تُراعي طاعة الكبير الوهاب سبحانه وتعالى، ونسأل الله أن يعينكم على الخير، وأن يستخدمنا في طاعته، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

ننصح بأن يتوقف التواصل حتى تحسم هذا الأمر، لأن التواصل لا يزيد الأمر إلَّا تعلُّقًا، ولا ننصحك بالتعلُّق بفتاة تتمرّد على حجابها، بل تنزع الحجاب وتُصِرُّ على ألَّا تقبله أبدًا.

نسأل الله أن يهديها ويهدي بناتنا وبنات المسلمين، وأن يُوفّق الجميع لما يُحبه ويرضاه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً