الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وسواس الموت واختلال الأنية، فما العلاج؟

السؤال

كنت منذ فترة أعاني من وسواس الموت، واختلال الأنية، وبعدها أشفى قليلاً ويجيء قليلاً، وبعدها صرت أدقق في الذي أنا أعمله، مثلاً الكلام والتعامل أدقق وأقول: لماذا أتكلم بكذا؟ كيف أعرف أقرأ كذا؟ وأقول من داخلي: لم أعرف أتكلم.

أتكلم وأعرف أنطق الحروف وبسبب التفكير أقول: لا أعرف أنطق، لا، لا أعرف الحروف، فما العلاج؟ لأن حياتي كلها كئيبة، وأرهقت، وأقول: إن هذا شيء في عقلي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

لديك بالفعل وساوس قهرية، لكن إن شاء الله هي من النوع الفكري البسيط، وهذه الوساوس تتسلط عليك لأنك تحاورها، لأنك تحاول أن تُحلِّلها، أن تخضعها للمنطق، أن تصل إلى نهاياتها، لكن الوسواس يتحكّم ويستحوذ ويكون أكثر إلحاحًا حين يستجيب له الإنسان.

أمَّا إذا حقّرنا الوساوس في بدايتها وتجاهلناها وصرفنا انتباهنا لأشياء أخرى مهمَّة فالوساوس تبدأ في الاضمحلال وفي التلاشي ابننا العزيز يوسف.

إذًا اجعل هذا منهجك، وحين تأتيك الخاطرة الوسواسية وفي بداياتها خاطبها قائلاً: (أقف، أقف، أقف، أنت وسواس قبيح، أنت وسواس حقير، أنا لن أجري معك أي حوار، ولن أهتمّ بك أبدًا، اذهب وانصرف عني، أقف أقف أقف) وهكذا. هذه المخاطبات إذا طُبقت بجدية وبيقين تام فهي مفيدة جدًّا.

أيضًا أريدك أن تلجأ للعلاجات المنفّرة – هكذا نُسمِّيها – وهي أن تجلب الخاطرة الوسواسية في بداياتها، ثم بعد ذلك تقوم بفعل مختلف تمامًا، أن تفكّر مثلاً في كارثة – لا قدّر الله – أن تربط ما بين هذه الكارثة والفكرة الوسواسية. أو إذا وجدتَّ رائحة كريهة قم بشمِّها في نفس الوقت. أو مثلاً: قم بالضرب على يدك بشدة وقوة على سطح صلب – كسطح طاولة مثلاً – لكن لا بد أن تحس بألم شديد. وقوع الألم مع استجلاب الخاطرة يجعلهما يتشابكان مع بعضهما البعض، وقطعًا الألم سوف يهزم الوسواس.

هذه علاجات ممتازة إذا طُبقت بصورة جيدة. وأيضًا أنصحك – أيها الفاضل الكريم – أن تستفيد من وقتك، الوقت من ذهب، الوقت نحتاجه، الوقت يجعلنا نستمتع به إذا أدرناه إدارة طيبة. فيا أيها الفاضل الكريم: عليك أن تجتهد في إدارة وقتك، أن تقرأ، أن تدرس، أن تستمتع بأن ترفّه عن نفسك بأشياء طيبة مع أصحابك، أن تحرص على الصلوات، أن يكون لك ورد قرآني يومي، أن تمارس الرياضة ... هذا كله سوف يفيدك ويفيدك بصورة إيجابية جدًّا للتخلص من هذه الوساوس.

أنت قطعًا تحتاج لعلاج دوائي، وعمرك 18 سنة، لا بأس من أن تتناول دواء يُسمَّى (فافرين)، واسمه العلمي (فلوفكسمين).

إذا كان بالإمكان أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا أمرٌ جيد، وإن لم يكن بالإمكان تحدَّث مع والديك أو أحدهما أنك تعاني من وسوسة وقد نُصحت بتناول عقار مثل فافرين، تبدأ بخمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك تجعلها مائة مليجرام ليلاً، وأعتقد أن هذه سوف تكون جرعة كافية بالنسبة لك تمامًا، هي جرعة صغرى، لأن الجرعة الكلية ثلاثمائة مليجرام في اليوم، لكنك لن تحتاج لها، لأن وساوسك إن شاء الله سوف تبدد بسرعة، خاصة إذا طبّقت التمارين الإرشادية السلوكية المعرفية التي ذكرتها لك.

استمر على جرعة المائة مليجرام لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك اجعلها خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوعين، ثم خمسين مليجرامًا يوما بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الفافرين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً