الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أنا ضعيف الشخصية، وصرت أدعو على نفسي بالموت.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أيها الدكاترة الكرام: لدي مشكلة كبيرة، وهي أني إنسان ضعيف الشخصية جداً، لدرجة أني إذا أهانني طفل لا أستطيع الدفاع عن نفسي، وأشارف على البكاء.

أنا إنسان لا يصبرني على الحياة إلا أن المنتحر سيدخل النار، يومياً أدعو على نفسي بالموت بدون فائدة، دعوت أن أصبح شجاعاً لكن بدون فائدة.

والله لقد كرهت حياتي، حرفياً أصبحت متقوقعاً على نفسي، عندي رهاب اجتماعي أيضاً، فأسألكم الدعاء لي بالموت، لا أدري أهذه فضفضة أم ماذا؟

تقفلت الأبواب أمامي، أسأل الله أن يأتيني بالموت.

أنا حافظ للقرآن وأؤدي الصلوات كلها في المسجد، وأفكر في تركها، لأني لا أستطيع مجابهة العالم بعد الآن، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابننا في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُعينك على الخير وعلى حسن الأفعال، وأن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

لا شك أن الذي وفقه الله وحفظ كتاب الله تبارك وتعالى وهو يُواظب على الصلوات لا يمكن أن يكون ضعيفًا، وما ينبغي أن يُفكّر في الانتحار أو في الهروب من هذه الحياة، ولا يخفى على أمثالك من الفضلاء أن الانتحار هو جريمة الجرائم، والحمد لله الذي جعلك تخاف من خطورة مثل هذا العمل، ونحن نحذرك من مجرد التفكير في هذه المسألة.

نؤكد لك أنك تستطيع أن تمتلك عناصر القوة، لأنك صاحب عزيمة، وصاحب إرادة، تمكّنت معها بحفظ كتاب الله تبارك وتعالى، وهذه نعمة من الله تبارك وتعالى، وما تشعر به من رهاب اجتماعي وخوف أرجو أن تقابل فيه طبيباً نفسياً مختصاً، ولكنّ المسألة ما ينبغي أن تصل لهذه الدرجة، واعلم أن الناس أيضًا يحترمون حافظ القرآن، فهو لا يحتاج إلى أن يُخيفهم أو يخاف منهم، بل سيجد الاحترام والتقدير، لأنه يحفظ كتاب الله تبارك وتعالى، وقد درَجت الأُمّة على هذا، حتى قال قائل الصحابة: (كان الرجل إذا حفظ سورة البقرة جدَّ في أعيننا) فكيف بمن يحفظ كتاب الله تبارك وتعالى.

تعوّذ بالله من مثل هذه الوساوس، وتعوّذ بالله من شيطانٍ همّه أن يُحزن أهل الإيمان، واحشر نفسك في صُحبة الصالحين، فهم خير عونٍ لك وخيرُ سندٍ لك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعجّل لك بالعافية، وأرجو ألَّا تضعف أمام المواقف، واعلم أن الناس أيضًا عندهم من الضعف والخلل ما لا يعلمه إلَّا الله، ومن الخطأ أن يُضعف الإنسان نفسه ويقوّي الآخرين، فنحن جميعًا بشر والنقص يُطاردُنا، ولكن المؤمن بتوكُّله على الله تبارك وتعالى واستعانته بالله، ثم بتوحيده، ثم بصلاحه يكتسب القوة ويكتسب المنعة، والإيمان هو القوة الحقيقية التي غيّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بها وجه الأرض، وأخرج من الحفاة العُراة رعاء الشاة خيرَ أُمَّةٍ أخرجت للناس.

نسأل الله العظيم أن يُعينك على الخير، وأكثر من قول: (لا حول ولا قوة إلَّا بالله)، واستعن بالله ولا تعجز، وتوكل على الله في أمورك كلها، ومرحبًا بك في موقعك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً