الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتوقف عن الأفكار السلبية؟

السؤال

السلام عليكم.

يعطيكم العافية على هذه المنصة الدينية الرائعة والمفيدة.

عانيت من وساوس النظافة والطهارة في صغري، وكل فترة تأتيني العديد من الأفكار الوسواسية في كل مرحلة من مراحل حياتي، ففي مرحلة الثانوية كنت أخاف وبشدة أن أتكلم مع صديقاتي، شيء في داخلي يوهمني أنهن سوف يشتمنني، وأنني يجب علي أن أطلب منهن إعادة الكلام، وهذا الوسواس انتهى.

أنا متدينة، وأحافظ على صلواتي وأقرأ القرآن وأحفظه بانتظام، وأنا أحب شابا، وأدعو الله أن يكون من نصيبي، وأخاف من الكلام مع غيره في العمل خشية أن تكون خيانة، أو أن أحب الأشخاص الذين أعمل معهم.

أحس بضيق شديد، وأضيع وقتي جدا بالتفكير، مع أنني أعمل ومجتهدة، ولا أحب تضييع وقتي، علما أني أستخدم العلاج المعرفي السلوكي، ولكن أحس أن الأفكار السلبية تزداد سوءًا، ووعكرت حياتي حتى أفكر في التوقف عن كل وسائل الإنترنت والعمل؛ حتى لا أفكر بأية فكرة سيئة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رزان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأشكرك على كلماتك الطيبة وثقتك في هذا الموقع، أسأل الله لك العافية.

أتفق معك أن الأفكار الوسواسية في بعض الأحيان تكون بالسريّة ومحتوى قبيح، والوساوس ذات المحتوى الديني أو المحتوى الجنسي هي من أكثر الوساوس المؤلمة للنفس الإنسانية، والوساوس الظنانية أيضًا، الوساوس التي تتعلق بالآخرين، ووسواس العنف كلها وساوس مؤلمة.

الحمد لله تعالى أنت على إدراك ووعي بأهمية العلاجات السلوكية، والعلاجات المعرفية السلوكية علاجات بسيطة جدًّا، إذا طبّقها الإنسان حسب ما هو مطلوب. أهم شيء يجب أن تتداركيه هو: تحقير الوسواس، وعدم الخوف منه، وعدم إخضاعه للمنطق، الوسواس ماكر جدًّا، ويُثير فضول الإنسان، ويجعل الإنسان يُحلِّله ويُحلله، ويحاول أن يصل لبعض الحلول مع نفسه، وهذا يزيد من حدة الوسواس.

فأنا أنصحك بأن تبدئي في كبح الخواطر الوسواسية، أي قبل أن تتكون الفكرة كاملة لديك، خاطبي الفكرة قائلة: (أنت وسواس قبيح، أنت وسواس حقير، لن أهتمّ بك، انصرف عني ...) وهكذا، واصرفي انتباهك لشيء آخر، وذلك بجانب العلاجات السلوكية الأخرى التي أنت على إلمام بها.

لا شك أن ممارسة الرياضة، وحسن إدارة الوقت، وممارسة التمارين الاسترخائية، هذه كلها مهمّة ومفيدة، والحمد لله تعالى أنت من أهل القرآن، أسأل الله تعالى أن يتقبّل منك ويزيدك في هذا، عليك بالدعاء، أكثري من الاستغفار، وأكثري من قول: (آمنت بالله)، مع التيقّن التام أنها مفيدة.

اشتكى أناس من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هذه الوساوس، منهم من قال: (والله لزوال السموات والأرض خير لي من أن أتحدث عمَّا يأتي في نفسي) أو كما قال، الرسول -صلى الله عليه وسلم- أشار أن ذلك من صميم ومن صريح الإيمان، ونصحهم أن يقول الواحد منهم (آمنت بالله) وأمر بالانتهاء عن ذلك حيث قال: (ولينتهِ)، يعني لا يُناقش الوسواس، لا يسترسل في الوسواس، ويقطع حبل الوسواس، وأمَّا قوله (آمنت بالله) فهو من الدعاء والذكر الجميل.

فإذًا كرري هذا الدعاء وهذا الذكر (آمنت بالله، آمنت بالله، آمنت بالله) وأكثري من الاستغفار والاستعاذة بالله من الشيطان.

أنا أرى أنك في حاجة لعلاج دوائي، والعلاج الدوائي سوف يُريحك تمامًا، لأن المكوّن الرئيسي لديك في الوسوسة هو الأفكار وليست أفعال أو طقوس، ويُعرف أن الأفكار تستجيب للأدوية أفضل من الأنواع الأخرى من الأدوية.

من أفضل الأدوية التي سوف تفيدك عقار (سيرترالين)، كما أن الـ (بروزاك) دواء ممتاز، والـ (فافرين) دواء ممتاز، والـ (سبرالكس) أيضًا دواء ممتاز.

أنا أعتقد أن البروزاك أو السيرترالين الخيار يجب أن يكون على أحدهما، وأرشح لك البروزاك، لأنه لا يزيد الوزن، وطبعًا كل هذه الأدوية غير إدمانية، ولا تؤثّر على الهرمونات النسائية.

ابدئي في تناول البروزاك بجرعة كبسولة واحدة يوميًا (عشرون مليجرامًا) تناوليها بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم اجعليها كبسولتين يوميًا – أي أربعين مليجرامًا – لمدة شهرٍ، ثم اجعليها ثلاث كبسولات يوميًا، يمكنك تناولها كجرعة واحدة، أو كبسولة واحدة صباحًا وكبسولتين ليلاً. هذه هي الجرعة العلاجية التي تحتاجين إليها، علمًا بأن الجرعة العلاجية الكلية هي أربع كبسولات في اليوم – أي ثمانين مليجرامًا – لكن لا أراك في حاجة لهذه الجرعة.

استمري على الستين مليجرامًا من البروزاك يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى أربعين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم إلى عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم إلى عشرين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم توقفي عن تناول الدواء.

أمَّا بخصوص الشاب الذي أنت تحسين بعاطفة نحوه فيجب أن يكون هذا في الحدود الشرعية كما تعلمين، حتى لا يتصادم مع وجدانك ومع منظومة الفضيلة لديك، واسألي الله تعالى أن يكون رجلاً صالحًا، وينتهي الأمر بالزواج -إن شاء الله تعالى-.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً